بجاية، وكان إسحاق ابن غانية بجزيرة ميورقة وهو بقية اللمتونيين، فوجه له من مراكش من قبل خليفتها من يطلبه بالبيعة والدخول تحت الطاعة، فامتنع من ذلك، وكان بين يديه ولداه علي ويحيى فقال للرسول أنا لا أراهم ولا يرونني، ولكن قل للموحدين يهيئون ما ينفقون على رأس هذين، وأشار إلى رأس ولديه، فانفصل الرسول عنه وتجهز الولدان بعد كبرهما في طرائد فيها بعض الفرسان ووصلا إلى شاطئ بجاية بمحل بيع السبي منها. وكانت البلدة شاغرة من الجيش، فتلقاهم الناس على عادة تلقيهم لأجل السبي، فنزلت الخيل معدة ولما وصلت له مستعدة، والناس ما عندهم من شأنهم خبر، فطلعوا على جبل الخليفة ودخلوا من باب "اللوز" إلى قصبة البلد وتملكوا البلد، ولم يكن فوق باب اللوز سور في ذلك الزمان، وطلبوا الناس بالبيعة فبايعوهم، وكان الشريف أبو الطاهر عمارة رحمه الله ممن امتدحهم وأنشد بين أيديهم وربما تعرض في بعض مقاله جريا على عادة الشعراء أمثاله، ثم أن الموحدين تجهزوا برا وبحرا من فورهم ليستأصلوا من البغاة شأفة أمرهم فانفصل علي بن غانية عن الحال وتبع الموحدون الناس بما ظهر منهم من مقال أو فعال، وكان من جملة الأمر إنه لما خطب لهم قال الخطيب في خطبته، والحمد لله الذي أعاد الأمر إلى نصابه، وأزاله من أيدي غصابه، فاشتدت وطأتهم على أهل العلم واعتقلوا أناسا منهم وكان من جملة من اعتقل الشريف أبو طاهر عمارة، ولما وصل الموحدون خرج إلى الجهة التي كان بها قاضيا فوجه إليه وجيء به مصفدا في الحديد، فبقي معتقلا مع أصحابه مدة من الزمان وهو يروم أن يقول فلا يجد للقول