قلت: والخطيب أبو عبد الله ابن صالح أحد من كثرت القراءة عليه والرواية عنه ببجاية، تخطط فيها بالعدالة وهي صفته، وولي النظر في الانكحة نائبا عن قضاتها مدة، وولى إقامة الفريضة والخطبة بجامعها الأعظم ما ينيف على ثلاثين عاما، وهو إلى هذا الوقت وهو عام التسعة والتسعين وستمائة إمام مبارك أبقاه الله ووقاه. ومن الغريب في ذلك إنه لم يعرض له، مع طول هذه المدة، أن ناب عنه أحد في خطبة الجمعة. يقرأ كتب العربية فيجيد وأجود ذلك "مفصل" الزمخشري قرأه وأحكمه، وهو كذلك يقرئه ويجيد فيه، وتقرأ عليه دواوين الأشعار تفقها كشعر حبيب والمتنبي والمعري والأشعار الستة وغير ذلك، وكل ذلك على إتقان وإحكام وجودة إيراد.
له خلق حسن، ونية صالحة، وطوية سالمة، ودعوة مباركة، من تعرض له بالاذاية يجزى.
ذكر لي مرارا إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فدعا له وقال له "الله يسترك بستره" فنفعه الله بهذه الدعوة، وهي دعوة لمن يكرم عليه.
جلس للوثيقة والشهادة، فكان سمحا سهلا ولم يقع له قط وقوع في ذلك لحسن نيته وسلامة طويته.
ولد بشاطبة في الليلة التاسعة والعشرين لذي القعدة، من عام أربعة عشر وستمائة، ولقي مشائخ جملة، منهم أبو بكر ابن محرز وأبو المطرف ابن عميرة