للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها أهل الفضل. وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حاجتك وإن دأبت فيهما، فأحسن قسمتهما بين عملك ودعتك من ذلك.

فإن ما شغلت من رأيك في غير المهم إزراء بالمهم (١)، وما صرفت عن مالك في الباطل، فقدته حين تريده للحق. وما عمدت من كرامتك إلى - أهل - النقص، أضر بك في العجز عن أهل الفضل. وما شغلت من ليلك ونهارك في غير الحاجة، أزري بك في الحاجة)). انتهى.

هذه لمحات وقبسات من بيان قيمة الزمن، عند أولئك العلماء والأئمة الفضلاء، الذين اجتزأت بذكر بعضهم عن ذكر الكثير منهم، ولقد كانوا فخر الإسلام بل فخر الإنسانية.

أولئك قوم شيد الله فخرهم ... فما فوقه وإن عظم الفخر

فليس لك بعد هذا - أيها القارئ الكريم - أن تستغرب إذا سمعت أو قرأت: أن للعالم الفلاني أكثر من مئة كتاب، وأن تآليفه قد شاركت في كل علم بأوفر نصيب، فإن مرد ذلك وسببه أنهم قد حفظوا الوقت، وتخلوا عن الفضول والغفلة عن مضي الزمان، فبادروا اللحظات والدقائق والساعات، فكانت لهم تلك المآثر الباقيات:


(١) قلت: وكثيرا ما يزين لطالب العلم ويحلو له أيام الإمتحان، قراءة العلم، الذي ليس مطالبا به في الاختبار، ويأتيه العزوف عن العلم المطالب به (المهم)، وهذا من مرض النفس وضعف الهمة والنشاط، فإن العلم المطالب به فيه تكليف وإلزام وتحمل وأداء، فهو ثقيل على النفس الوانية، والعلم غير المطالب به لا تكليف به، فهو خفيف على النفس، فليحذر العاقل الاستجابة لهوى نفسه، فإن هذا من سرقة الشيطان له وانحرافه به عن الصواب والمهم، والله الهادي.

<<  <   >  >>