للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأيته وفي يده كتاب ينظر فيه، أو يقلب الكتب لطلب كتاب ينظر فيه، أو ينفض الكتب)) (١).

[ابن سحنون ألقمته جاريته العشاء ولم يشعر به لاشتغاله بالتأليف]

وجاء في ((ترتيب المدارك)) للقاضي عياض (٢)، في ترجمة الفقيه المالكي المحدث الإمام (محمد بن سحنون القيرواني) المولود سنة ٢٠٢، والمتوفي سنة ٢٥٦ رحمه الله تعالى، ما يلي: ((قال المالكي: كانت لمحمد بن سحنون سرية - أي جارية مملوكة - يقال لها: أم مدام، فكان عندها يوما، وقد شغل في تأليف كتاب إلى الليل، فحضر الطعام، فاستأذنته فقال لها: أنا مشغول الساعة.

فلما طال عليها - الانتظار - جعلت تلقمه الطعام حتى أتى عليه، وتمادى هو على ما هو فيه، إلى أن أذن لصلاة الصبح، فقال شغلنا عنك الليلة يا أم مدام! هات من عندك، فقالت: قد - والله يا سيدى - ألقمته لك، فقال: ما شعرت بذلك!)) (٣).


(١) انتهى بزيادة يسيرة من ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي ٧٥:١٦، في ترجمة الجاحظ.
(٢) ٢١٧:٤.
(٣) قلت: هذا نموذج من نماذج ذهول العلماء قديما واستغراقهم وفنائهم في العلم! ويشبهه ما حدث لشيخ المحدثين الإمام (أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري)، صاحب ((الصحيح))، المولود سنة ٢٠٤، والمتوفي سنة ٢٦١، جاء في ((تهذيب التهذيب)) للحافظ ابن حجر ١٢٧:١٠ في ترجمته: ((قال الحاكم: سمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم، قال: سمعت أحمد بن سلمة - رفيق مسلم في الرحلة من نيسابور إلى بلخ وإلى البصرة - يقول: عقد لمسلم مجلس المذاكرة، فذكر له حديث فلم يعرفه، فانصرف إلى منزله - وكان الوقت ليلا -، وقدمت له سلة فيها تمر، فكان = يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة، فأصبح وقد فنى التمر! ووجد الحديث! زاد غيره: فكان ذلك سبب موته رحمه الله تعالى)).

<<  <   >  >>