التي هي زبدة أعمارهم، إلا أن أكثر تصانيفهم دثرت، لأن همم الطلاب ضعفت، فصاروا يطلبون المختصرات، ولا ينشطون للمطولات، ثم اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها، فدثرت الكتب ولم تنسخ!
فسبيل طالب الكمال في طلب العلم: الاطلاع على الكتب التي قد تخلفت من المصنفات، فليكثر من المطالعة، فإنه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد. وما يخلو كتاب من فائدة.
وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا نرى فيهم ذا همة عالية يقتي بها المبتدي، ولا صاحب ورع فيستفيد منه المتزهد، فالله الله، وعليكم بملاحظة سير القوم، ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، فالاستكثار من مطالعة كتبهم، رؤية لهم كما قال:
فاتني أن أرى الديار بطرفي ... فلعلي أرى الديار بسمعي
[نهم ابن الجوزي في العلم وشدة تعلقه بالكتب]
وإني أخبر عن حالي، ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابا لم أره فكأني وقعت على كنز.
ولقد نظرت في ثبت الكتب - أي فهرس الكتب - الموقوفة في المدرسة النظامية، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد، وفي ثبت كتب أبي حنيفة، وكتب الحميدي: - محمد بن فتوح الأندلسي البغدادي صاحب ابن حزم -، وكتب شيخنا عبد الوهاب الأنماطي، وابن ناصر، وكتب أبي محمد الخشاب وكانت أحمالا، وغير ذلك من