(٢) مغبون فيها كثير من الناس. أي ذو خسران فيهما كثير من الناس. قال بعض العلماء: النعمة ما بتنعم به الإنسان ويستلذه، والغبن أن يشتري بأضعاف الثمن، أو يبيع بدون ثمن المثل. فمن صح بدنه، وتفرغ من الأشغال العائقة، ولم يسع لصلاح آخرته، فهو كالمغبون في البيع. والمقصود أن غالب الناس لا ينتفعون بالصحة والفراغ، بل يصرفونهما في غير محالهما، فيصير كل واحد منهما في حقهم وبالا! ولو أنهم صرفوا كل واحد منهما في محله لكان خيرا أي خير. قال الإمام ابن الجوزي: قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا، لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة الذي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المبغون، لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم، ولو لم يكن إلا الهرم لكفى. قال المحقق الطيبي: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم للمكلف مثلا بالتاجر الذي له رأس مال، فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال، فطريقه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله، ويلزم الصدق والحذق لئلا يبغن، فالصحة والفراغ رأس المال.