للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالزمن نعمة جلى ومنحة كبرى، لا يدريها ويستفيد منها كل الفائدة إلا الموفقون الأفذاذ، كما أشار إلى ذلك لفظ الحديث الشريف فقال: ((مغبون فيهما كثير من الناس))، فأفاد أن المستفيدين من ذلك قلة، وأن الكثير مفرط مغبون.

[الغيرة القاتلة على الوقت عند العابد والعاقل]

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، في كتابه ((مدارج السالكين)) (١)، وهو يتحدث عن منزلة الغيرة وشمولها لكثير من الأمور، فذكر منها الغيرة على الوقت بقوله:

الغيرة على وقت فات! وهي غيرة قاتلة، فإن الوقت وحي التقضي -أي سريع الانقضاء- أبي الجانب، بطيء الرجوع. والوقت عند العابد: هو وقت العبادة والأوراد، وعند المريد: هو وقت الإقبال على الله، والجمعية عليه، والعكوف عليه بالقلب كله. والوقت أعز شيء عليه، يغار عليه أن ينقضي بدون ذلك! فإذا فاته الوقت لا يمكنه استدراكه البتة، لأن الوقت الثاني قد استحق واجبه الخاص، فإذا فاته وقت فلا سبيل له إلى تداركه.

ومعنى أنها (غيرة قاتلة) أي أن أثرها يشبه القتل، لأن حسرة الفوت قاتلة، ولا سيما إذا علم المتحسر: أنه لا سبيل إلى الاستدراك. وأيضاً


(١) ٤٩:٣.

<<  <   >  >>