قال الخطيب: وسمعت السمسمي يحكي أن ابن جرير مكث أربعين سنة، يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة. وحدث تلميذه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني، في كتابه المعروف بكتاب ((الصلة))، وهو كتاب وصل به ((تاريخ ابن جرير)): أن قوما من تلاميذ ابن جرير، حصلوا أيام حياته - أي جمعوها -، منذ بلغ الحلم إلى أن توفي وهو ابن ست وثمانين سنة، ثم قسموا عليها أوراق مصنفاته، فصار منها على كل يوم أربع عشرة ورقة. وهذا شيء لا يتهيأ لمخلوق إلا بحسن عناية الخالق)). انتهى. تبارك الله ماذا تبلغ الهمم!
[مجموع ما صنفه ابن جرير نحو ٣٥٨ ألف ورقة]
وقد ولد ابن جرير سنة ٢٢٤، وتوفي سنة ٣١٠، فعاش ٨٦ سنة، وإذا طرحنا منها سنه قبل البلوغ وقدرناها بأربع عشرة سنة، يكون قد بقي ابن جرير ثنتين وسبعين سنة يكتب كل يوم ١٤ ورقة، فإذا حسبنا أيام الاثنين والسبعين سنة، وجعلنا لكل يوم منها ١٤ ورقة تصنيفا، كان مجموع ما صنفه الإمام ابن جرير نحو ٣٥٨ ألف ورقة.
وقد اعتبروا كلاً من ((تاريخه)) و ((تفسيره)) نحو ثلاثة آلاف ورقة، فيكون الكتابان مجموعهما نحو سبعة آلاف ورقة أو ثمانية آلاف ورقة. وقد جاء التاريخ مطبوعا في أحد عشر جزءا كبيراً، وجاء التفسير مطبوعاً في ثلاثين جزءا كبيراً، من الأجزاء الكبار التي يكون كل جزء منها مجلداً.
فاحسب حساب الباقي من أوراق مصنفاته، وهو ٣٥١ ألف ورقة، لتعرف كم تبلغ مؤلفات هذا الإمام، الذي كان في علومه بمثابة مجمع