[البيروني يتعلم مسألة في الفرائض وهو في الغرغرة والنزع]
وجاء في ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي (١)، في ترجمة الإمام الفلكي الرياضي الفذ، والمؤرخ اللغوي الأديب الأريب، الجامع لأشتات العلوم أبي الريحان البيروني (محمد بن أحمد الخوارزمي)، الملود سنة ٣٦٢، والمتوفي سنة ٤٤٠ رحمه الله تعالى:
((كان أبو الريحان مع الفسحة في التعمير، وجلالة الحال في عامة الأمور، مكبا على تحصيل العلوم، منصبا إلى تصنيف الكتب، يفتح أبوابها، ويحيط بشواكلها وأقرابها - أي بغوامضها وجلياتها -، ولا يكاد يفارق يده القلم، وعينه النظر، وقلبه الفكر، إلا في يومي النيروز والمهرجان من السنة، لإعداد ما تمس إليه - الحاجة - في المعاش، من بلغة الطعام وعلقة الرياش، ثم هجيراه في سائر الأيام من السنة علم يسفر عن وجهه قناع الإشكال، ويحسر عن ذراعيه كمام الإغلاق.
حدث الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى الولوالجي، قال: دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه، قد حشرج نفسه، وضاق به صدره، - قد بلغ من العمر ٧٨ سنة -، فقال لي في تلك الحال: كيف قلت لي يوما: حساب الجدات الفاسدة - وهي التي تكون من قبل الأم -؟
فقلت له إشفاقا عليه: أفي هذه الحالة؟ قال لي: يا هذا! أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيرا من أن أخليها وأنا جاهل بها، فأعدت ذلك عليه، وحفظ، وعلمني ما وعد، وخرجت من عنده وأنا في الطريق فسمعت الصراخ!)). انتهى.