للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حالهم تشبه حال من عناه الإمام أحمد بن فارس الرازي اللغوي، المولود سنة ٣٢٩، والمتوفي سنة ٣٩٥ رحمه الله تعالى بقوله:

إذا كان يؤذيك حر المصيف ... ويبس الخريف وبرد الشتا

ويلهيك حسن زمان الربيع ... فأخذك للعلم قل لي: متى؟!

[الآلوسي الحفيد وحرصه الشديد على الدرس والعلم]

وكان العلامة الكبير أبو المعالي محمود شكري الآلوسي البغدادي، الحفيد الأديب المتوفي سنة ١٣٤٢ رحمه الله تعالى، يمتاز بالجد الشديد والحرص على الوقت، فكان لا يثنيه عن دروسه حمارة القيظ، ولا يؤخره عنها قرص برد الشتاء، وكثيرا ما تعرض تلاميذه - بسبب تأخرهم عن موعد الدرس - إلى النقد والتعنيف.

قال عنه تلميذه العلامة الشيخ بهجة الأثري: أذكر أنني انقطعت عن حضور درسه في يوم مزعج، شديد الريح، غزير المطر، كثير الوحل، ظنا مني أنه لا يحضر إلى المدرسة، فلما شخصت في اليوم الثاني إلى الدرس، صار ينشد بلهجة غضبان:

ولا خير فيمن عاقه الحر والبرد)) (١)

[أنت في الكبر أشغل وأضعف منك في الشباب والصغر]

وقد يخيل لبعضهم أن الأيام ستفرغ له في المستقبل من الشواغل، وتصفو له من المكدرات والعوائق، وأنه سيكون فيها أفرغ منه


(١) من مقدمة الأستاذ عدنان عبد الرحمن الدوري لكتاب ((إتحاف الأمجاد فيما يصح به الاستشهاد)) للآلوسي محمود الحفيد، ص ١٥.

<<  <   >  >>