وأختم حديثي عن العلماء المراعين للأوقات، الحافظين للحظات، المستفيدين المانحين أطيب الثمرات، بإيراد ترجمة مختصرة للحافظ أبي القاسم بن عساكر الدمشقي، فقد جاء فيها ما يحرك العزائم ويوقظ النائم، فأقول:
[ضخامة ما قدمه الحافظ ابن عساكر للمكتبة الإسلامية]
كان الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقي (على بن الحسن) المولود بدمشق سنة ٤٩٩، والمتوفي بها سنة ٥٧١ رحمه الله تعالى، يحافظ على اللحظات من وقته، فجاد على المكتبة الإسلامية بتآليف، تعجز المجامع اعلمية اليوم عن طبعها! وقد كتبها وحده، وألفها بيده وقلمه، وحررها وحققها، وجمع أصولها، وانتخب منها، ونسقها ورتبها، وأخرجها للناس آية باقية ناطقة بأنه كان أعجوبة الأعاجيب في سعة الحفظ، ووفرة المعرفة، ونفاذ الهمة في القدرة على التأليف وكثرة المصنفات المدهشة.
وأسوق هنا طرفا وجيزا من ترجمته عن ثلاثة كتب، مقتصرا منها على ما يتعلق بكثرة التطواف، ووفرة المؤلفات، وشدة الحافظ على الأوقات واللحظات.
١ - قال المؤرخ القاضي ابن خلكان في ((وفيات الأعيان)) (١)،