سمعته في أثناء كلام يقول: أنا لا أنام ولا آكل عادة، وإنما أنام إذا غلبني النوم ليلا كان أو نهارا، وآكل إّذا اشتهيت الطعام أي وقت كان. وكانت لذته ولهوه ونزهته في مذاكرة العلم، وطلب الفائدة من أي نوع كان.
[إمام الحرمين وهو في الخمسين من العمر يتتلمذ لعالم نحوي]
ولقد سمعت الشيخ أبا الحسن علي بن فضال بن علي المجاشعي القيرواني النحوي، القادم علينا سنة تسع وستين وأربع مئة، وقد قبله الإمام فخر الإسلام، وقابله بالإكرام، وأخذ في قراءة النحو عليه والتلمذة له، بعد أن كان إمام الأئمة في وقته - وقد بلغ من العمر خمسين سنة -، وكان يحمله كل يوم إلى داره، ويقرأ عليه كتاب ((إكسير الذهب في صناعة الأدب)) من تصنيفه. فكان أبو الحسن المجاشعي يحكي ويقول: ما رأيت عاشقا للعلم مثل هذا الإمام، فإنه يطلب العلم للعلم. وكان كذلك)).
[يعقوب النجيرمي يطالع كتابه خلال مشيه]
وجاء في ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (١)، في ترجمة محمد السعيدي بن بركات النحوي البصري المصري، المولود سنة ٤٢٠، والمتوفي سنة ٥٢٠ عن مئة سنة رحمه الله تعالى، ((قال: رأيت وأنا صبي أبا يوسف يعقوب بن خرزاد النجيرمي ماشيا في طريق القرافة، شيخا أسمر كبير اللحية، مدور العمامة، وبيده كتاب وهو يطالع فيه في مشيه)). انتهى.