للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل حياتك أيها الإنسان في هذا الوجود شيء، غير الوقت الذي يمضي بين الوفاة والميلاد؟ وقد يذهب الذهب وينفد، ولكنك تستطيع أن يكون معك منه أضعاف ما فقدت، ولكن الوقت الذاهب والزمن الفائت، لا تستطيع له إعادة أو إرجاعا!! فالوقت إذن أغلى من الذهب، وأغلى من الماس، وأغلى من كل جوهر وعرض، لأنه هو الحياة.

وليس النجاح متوقفا على الخطة الدقيقة، والظروف المواتية فحسب، ولكنه متوقف على اللحظة المناسبة كذلك، وقد كانوا يحذرون من الرأي الفطير، ومن الرأي المتأخر أيضا (١)، والتوفيق أن يقع العمل في لحظته المناسبة (والله يقدر الليل والنهار) (٢).

ولهذا كان أعظم الناس تعرضا للخسارة والإخفاق أولئك الغافلين! (ولقد ذرأنا لجهنم كثير من الجن والإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون) (٣).

ومن أروع الصور التي عرض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قيمة الوقت الكريم: ((ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني لا أعود إلى يوم القيامة)) (٤).


(١) وفي المثل: شر الرأي الدبري. وهو الذي يسنح بعد فوات الوقت.
(٢) من سورة المزمل، الآية ٢٠.
(٣) من سورة الأعراف، الآية ١٧٩.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ، وفي ((جمع الجوامع)) للسيوطي، اللوحة ٧٣٣ ((ما من يوم طعت شمسه إلا يقول: من استطاع أن يعمل في خيرا فليعمله، فإني غير مكرر عليكم أبدا، ... )) أخرجه البيهقي في ((الشعب)) عن عثمان بن محمد بن المغيرة الأخنس مرسلا، والديلمي عنه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس)).

<<  <   >  >>