للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعرف ذلك فرقًا بين توكيد المعنى الواحد -نحو الأمر والنهي والإضافة- وتوكيد معنى الجملة في "امتناع اجتماع"١ حرفين لمعنى واحد، وجواز اجتماع حرفين لمعنى جملة الكلام في لتقربن وإما ترين؛ ألا ترى أنك إذا قلت: هل تقومن فـ"هل" وحدها للاستفهام؛ وأما النون فلتوكيد جملة الكلام. يدل٢ على أنها لذلك٣ لا لتوكيد معنى الاستفهام وحده وجودك إياها في الأمر نحو اضربن زيدًا، وفي٤ النهي في لا تضربن زيدًا، والخبر في لتضربن زيدًا، والنفي في نحو قلَّما تقومن٥. فشياعها في جميع هذه المواضع أدل دليل على ما نعتقده٦: من كونها توكيدًا لجملة القول لا لمعنى مفرد منه مخصوص لأنها لو كانت موضوعة له وحده لخصت به ولم تشع في غيره كغيرها من الحروف.

فإن قلت: يكون من الحروف ما يصلح من المعاني لأكثر من الواحد نحو: من فإنها تكون تبغيضًا وابتداء ولا تكون نفيًا ونهيًا وتوكيدًا، وإن فإنها تكون شرطًا ونفيًا وتوكيدًا.

قيل: هذا إلزام يسقطه تأمله. وذلك أن من ولا وإن ونحو ذلك لم يقتصر بها على معنى واحد؛ لأنها حروف وقعت مشتركة كما وقعت الأسماء مشتركة؛ نحو الصدى؛ فإنه ما يعارض الصوت، وهو بدن الميت، وهو طائر يخرج فيما يدعون


١ كذا في د، هـ، ز، وفي ش: "امتناع"، وفي ط: "اجتماع".
٢ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "تدل".
٣ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "كذلك".
٤ سقط هذا الحرف في د، هـ، ز، ط.
٥ كذا في ش، وفي ز: "تقولن ذلك"، وفي ط: "تقولن ذاك".
٦ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "يعتقده".

<<  <  ج: ص:  >  >>