للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى أبو الفضل الرياشي قال: جئت أبا زيد لأقرأ عليه كتابه في النبات، فقال: لا تقرأه علي؛ فإني قد أنسيته.

وحسبنا من هذا حديث سيبويه، وقد حطب١ بكتابه -وهو٢ ألف ورقة- علما مبتكرا ووضعا٣ متجاوزا لما يسمع ويرى، قلما تسند إليه حكاية، أو توصل به رواية، إلا الشاذ الفذ الذي لا حفل به ولا قدر. فلولا تحفظ من يليه، ولزومه طريق ما يعنيه، لكثرت الحكايات٤ عنه، ونيطت أسبابها به، لكن أخلد كل إنسان منهم إلى عصمته، وأدرع جلباب ثقته، وحمى جانبه من صدقه وأمانته، ما أريد من صون هذا العلم الشريف "له به"٥.

فإن قلت: فإنا نجد علماء هذا الشأن من البلدين، والمتحلين به في المصرين، كثيرا ما يهجن٦ بعضهم بعضا، ولا٧ يترك له في٨ ذلك سماء ولا أرضا.

قيل له: هذا أول دليل على كرم هذا الأمر، ونزاهة هذا العلم؛ ألا ترى أنه إذا سبقت إلى أحدهم ظنة، أو توجهت نحوه شبهة، سب بها، وبرئ إلى الله منه لمكانها. ولعل أكثر من يرمى بسقطة في رواية أو غمز في حكاية محمى جانب الصدق فيها برئ عند ذكره٩ من تبعتها؛ لكن أخذت عليه، إما لاعتنان شبهة عرضت له أو لمن أخذ عنه، وإما لأن ثالبه ومتعيبه مقصر عن مغزاه، مغضوض


١ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "خطب" وحطب: جمع.
٢ سقط في ش.
٣ في ش: "وصفا".
٤ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "المحكيات".
٥ كذا في ش، وفي ط: "للثقة به". وفي د، هـ، ز: "للتنزيه".
٦ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "يمتحن".
٧ كذا في ط، وفي ش: "فلم" وفي د، هـ، ز: "فلا".
٨ في ط: "من".
٩ ثبت في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>