للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدثني أبو علي؛ قال: قلت لأبي عبد الله البصري: أنا أعجب من هذا الخاطر في حضوره تارة ومغيبه أخرى. وهذا يدل على أنه من عند الله. فقال: نعم هو من عند الله إلا أنه لا بد من تقديم النظر ألا ترى أن حامدًا البقال لا يخطر له.

ومن طريف١ حديث هذا الخاطر أنني كنت منذ زمان طويل رأيت رأيًا جمعت فيه بين معنى آية ومعنى قول الشاعر ٢:

وكنت أمشي على رجلين معتدلا ... فصرت أمشي على أخرى من الشجر

ولم أثبت حينئذ شرح حال الجمع بينهما ثقة بحضوره متى استحضرته ثم إني الآن -وقد مضى له سنون- أعان٣ الخاطر وأستثمده٤، وأفانيه٥ وأتودده على أن يسمح لي بما كان أرانيه من الجمع بين معنى الآية والبيت وهو معتاص متأب وضنين به غير معط.

وكنت وأنا أنسخ التذكرة لأبي علي إذا مر بي شيء قد كنت رأيت طرفًا منه أو ألممت به فيما قبل أقول له: قد كنت شارفت هذا الموضع وتلوح لي بعضه ولم أنته إلى آخره وأراك أنت قد جئت به واستوفيته وتمكنت فيه فيبتسم -رحمه الله- له ويتطلق٦ إليه؛ سرورًا باستماعه، ومعرفة بقدر نعمة الله عنده فيه، وفي أمثاله.


١ كذا في أ، ب. وفي ش: "ظريف".
٢ نسبه البغدادي في شرح شواهد الشافية ٣٦٠ إلى أبي حية، ونسبه في الأمالي ٢/ ١٦٣ في أربعة أبيات إلى عبد من عبيد بجيلة أسود، وانظر السمط ٧٨٥. ويريد بـ"أخرى من الشجر" العصا يعتمد عليها حين أدركه الهرم.
٣ أي أعارض.
٤ أي أتخذه ثمدا -وهو الماء القليل- أرده وأرتوي منه.
٥ أي أصانعه وأداريه.
٦ كذا في أ، وفي غيرها: "ينطلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>