للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما قول١ من قال: إن قولهم "لهنك " إن أصله "لله إنك " فقد "تقدم ذكرنا"٢ ذلك مع ما عليه فيه في موضع آخر وعلى أن أبا علي قد كان قواه بأَخَرةٍ وفيه تعسف ٣.

ومن إصلاح اللفظ قولهم: كأن زيدًا عمرو. اعلم أن أصل هذا الكلام: زيد كعمرو ثم أرادوا توكيد الخبر فزادوا فيه "إن " فقالوا: إن زيدًا كعمرو ثم إنهم بالغوا في توكيد التشبيه فقدموا حرفه إلى أول الكلام عناية به وإعلامًا أن عقد الكلام عليه فلما تقدمت الكاف وهي جارّة لم يجز أن تباشر "إن " لأنها ينقطع عنها ما قبلها من العوامل فوجب لذلك فتحها فقالوا: كأن زيدا عمرو.

ومن ذلك أيضًا قولهم: لك مال وعليك دين فالمال والدين هنا مبتدآن, وما قبلهما خبر عنهما إلا أنك لو رمت تقديمهما إلى المكان المقدر لهما لم يجز, لقبح الابتداء بالنكرة في الواجب فلما جفا ذلك في اللفظ أخروا المبتدأ وقدموا الخبر وكان ذلك سهلا عليهم ومصلحًا لما فسد عندهم. وإنما كان تأخره مستحسنًا من قبل أنه لما تأخر وقع موقع الخبر ومن شرط الخبر أن يكون نكرة, فلذلك صلح به اللفظ وإن كنا قد أحطنا علمًا بأنه في المعنى مبتدأ. فأما٤ من رفع الاسم في نحو هذا بالظرفية فقد كفي مئونة هذا الاعتذار لأنه ليس مبتدأ عنده.


١ في شرح السيرافي ٤/ ١٠٧ تيمورية أن هذا الرأي حكاه المفضل بن سلمة لغير الفراء ونسبه في الإنصاف ٩٤ إلى المفضل بن سلمة.
٢ كذا في أ. وفي ش، ب: "ذكرنا" ولا يريد أنه ذكره في هذا الكتاب.
٣ انظر بسط الكلام في هذا البحث في الخزانة ٤/ ٣٣٤ وما بعدها، وانظر نوادر أبي زيد ٢٨.
٤ هم الأخفش والكوفيون. انظر شرح الرضي للكافية ١/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>