للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولهم "شر أهر ذا ناب " فإنما جاز الابتداء فيه بالنكرة من حيث كان الكلام عائدًا إلى معنى النفي أي ما أهر ذا ناب إلا شر وإنما كان المعنى هذا لأن الخبرية عليه أقوى ألا ترى أنك لو قلت: أهر ذا ناب شر لكنت على طرف من الإخبار غير مؤكد فإذا قلت: ما أهر ذا ناب إلا شر كان ذلك أوكد؛ ألا ترى أن قولك: ما قام إلا زيد أوكد من قولك: قام زيد. وإنما احتيج إلى التوكيد في هذا الموضع من حيث كان أمرًا عانيًا مهمًا. وذلك أن قائل هذا القول سمع هرير كلب فأضاف منه وأشفق١ لاستماعه أن يكون لطارق شر فقال: شر أهر ذا ناب؛ أي ما أهر ذا ناب إلا شر تعظيمًا عند نفسه أو عند مستمعه. وليس هذا في نفسه كأن يطرق بابه ضيف أو يلم به مسترشد. " فلما عناه وأهمه, وكد الإخبار عنه "٢، وأخرج القول مخرج الإغلاظ به والتأهيب٣ لما دعا إليه.

ومن ذلك امتناعهم من الإلحاق بالألف إلا أن تقع آخرًا نحو أرطىً, ومعزىً, وحبنطىً, وسرندىً, وزبعرىً, وصلخدىً, وذلك أنها إذا وقعت طرفًا وقعت موقع حرف متحرك فدل ذلك على قوتها عندهم وإذا وقعت حشوًا وقعت موقع الساكن فضعفت لذلك فلم تقو فيعلم بذلك إلحاقها بما هي على سمت متحركه٤؛ ألا ترى أنك لو ألحقت بها ثانية فقلت: خاتم ملحق بجعفر لكانت مقابلة لعينه وهي ساكنة فاحتاطوا للفظ بأن قابلوا٥ بالألف فيه الحرف المتحرك ليكون أقوى لها وأدل على شدة تمكنها وليعلم بتنوينها أيضًا وكون ما هي في على "وزن أصل من الأصول له"٦ أنها للإلحاق به. وليست كذلك ألف قبعثرى, وضبغطرى؛


١ "وأشقق" عطف تفسير.
٢ كذا في ش، ب. وفي أ: "فإنما عناه وأهمه وكذا الإخبار عنه".
٣ يقال أهب للأمر: استعد له.
٤ كذا في ب. وفي أ، ش: "متحركة".
٥ كذا في ش، ب. وفي أ: "قابلوه".
٦ كذا في أ. ولا يبدو عليها الحاجة إلى عبارة "له". وفي ش، ب: "وزن من الأصول له".

<<  <  ج: ص:  >  >>