للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما الصواب مزاود, ومصاوب, ومناور؛ قال:

يصاحب الشيطان من يصاحبه ... فهو أذيٌّ١ جمةٌ مصاوبه

ومن ذلك قولهم في غير الضرورة: ضبب البلد: كثرة ضبابه ٢. وألل السقاء: تغيرت ريحه. ولححت عينه: التصقت, ومششت٣ الدابة. وقالوا: إن الفكاهة مقودة إلى الأذى. وقرأ بعضهم٤ {لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} وقالوا: كثرة الشراب مبولة وكثرة الأكل منومة وهذا شيء مطيبة للنفس وهذا طريق مهيع إلى غير ذلك مما جاء في السعة ومع غير الضرورة. وإنما صوابه: لحت عينه وضب البلد وألَّ السقاء ومشَّت الدابة ومقادة إلى الأذى, ومثابة, ومبالة, ومنامة, ومطابة, ومهاع.

فإذا جاز هذا للعرب عن غير حصر٥ ولا ضرورة قول كان استعمال الضرورة في الشعر للمولدين أسهل، وهم فيه أعذر.

فأما ما يأتي عن العرب لحنًا فلا نعذر في مثله مولدًا.

فمن ذلك بيت الكتاب ٦:

وما مثله في الناس إلا مملكًا ... أبو أمه حي أبوه يقاربه


١ الأذي: الشديد التأذي، وقيل: هو المؤذي، وقوله: "جمة" جاء في اللسان في "أذي": حمة، بالحاء المهملة.
٢ الضباب جمع الضب: الحيوان المعروف. وفي اللسان: "كثرت ضبابه".
٣ من المشش، وهو ورم يكون في ساق الدابة.
٤ تنسب هذه القراءة إلى أبي السمال وقتادة. وانظر شهاب البيضاوي ٢/ ٨١٢ وهذا في الآية ١٠٣ من البقرة.
٥ كذا في و. وفي أ، ب: "حفر" وفي د: "حقر". والحصر بالشيء: الضبق به.
٦ كثر هذا البيت منسوبا للفرزدق في الكتب. ويذكر الكتاب أنه من قصيدة في مدح إبراهيم بن هشام المخزومي خال هشام بن عبد الملك بن مروان. وليس في ديوان الفرزدق هذه القصيدة. ولم أر هذا البيت في الكتاب والبيت في اللسان في "ملك"، وفي الإيضاح للقزويني ١/ ٥ طبعة مطبعة السنة المحمدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>