للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ما أنشده أيضًا أبو زيد١ للزفيان السعدي:

يا إبلي ما ذامه فتأبَيَه ... ماء رواء ونصيٌّ حولَيَه

هدا بأفواهك حتى تأبَيَه ... حتى تروحي أصلا تباريه

تباري العانة فوق الزازيه

هكذا روينا عن أبي زيد وأما الكوفيون فرووه على خلاف هذا يقولون: فتأبَيْه, ونصي حولَيْه, وحتى تأبَيْه, وفوق الزازيْه. فينشدونه من السريع لا من الرجز كما أنشده أبو زيد. وقد ذكرت هذه الأبيات بما يجب فيها في كتابي " في النوادر الممتعة " ومقداره ألف ورقة. وفيه من كلتا الروايتين صنعة طريفة.

وأخبرنا محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى -أحسبه عن ابن الأعرابي- يقول الشاعر:

وما كنت أخشى الدهر إحلاس مسلم ... من الناس ذنبًا جاءه وهو مسلما

وقال في تفسيره معناه: ما كنت أخشى الدهر إحلاس٢ مسلم مسلمًا ذنبًا جاءه وهو, ولو وكد الضمير في جاء فقال: جاءه هو وهو لكان أحسن ٣. وغير التوكيد أيضًا جائز.


١ انظر النوادر ص٩٧. وهذا الشعر في اللسان في "زبز" و"أبي"، وفي ديوان الزفيان ١٠٠ وقوله: هذّا فالهذ سرعة القطع. ويروى "هذا" اسم إشارة. والعانة: القطيع من حمر الوحش. والزازية: المكان المرتفع، والنصي نبت من أفضل المرعى.
٢ في مجالس ثعلب: "إلزام" وهذا بعد أن فسر الإحلاس بالإلزام.
٣ قال ثعلب: "يقول: ما كنت أظن أن إنسانًا ركب ذنبا هو وآخر ثم نسبه إليه دونه" وانظر اللسان في "حلس"، ومجالس ثعلب ٩٦. وجاء البيت في الأمالي ١/ ٢٠٦ وقال أبو علي: "أراد: وما كنت أخشى الدهر إلزام مسلم مسلما "ذنبا جاءه وهو" أي جاءاه معًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>