للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحو ذلك. قلت له: أفترتجل اللغة ارتجالا قال: ليس بارتجال لكنه مقيس على كلامهم, فهو إذًا من كلامهم. قال: ألا ترى أنك تقول: طاب الخشكنان, فتجعله من كلام العرب وإن لم تكن العرب تكلمت به. هكذا قال فبرفعك إياه كرفعها ما صار لذلك محولا على كلامها ومنسوبًا إلى لغتها.

ومما اشتقته العب من كلام العجم ما أنشدناه "من قول الراجز"١:

هل تعرف الدار لأم الخزرج ... منها فظلت اليوم كالمزرج

أي الذي شرب الزرجون٢، وهي الخمر. فاشتق المزرج من الزرجون وكان قياسه: كالمزرجن من حيث كانت النون في زرجون قياسها أن تكون أصلا إذ كانت بمنزلة السين من قربوس. قال أبو علي: ولكن العرب إذا اشتقت من الأعجمي خلطت فيه. قال: والصحيح من نحو هذا الاشتقاق قول رؤبة ٣:

في خدر مياس الدمى معرجن

وأنشدناه "المعرجن "٤ باللام. فقوله "المعرجن " يشهد بكون النون من عرجون أصلا وإن كان من معنى الانعراج ألا تراهم فسروا قول الله تعالى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} ٥ فقالوا: هي الكباسة٦ إذا قدمت فانحنت؛ فقد "كان على هذا القياس يجب "٧ أن يكون نون "عرجون " زائدة كزيادتها في "زيتون " , غير أن بيت رؤبة الذي يقول فيه " المعرجن" منع هذا, وأعلمنا أنه أصل رباعي قريب من لفظ


١ ثبت في أ: وسقط في ش، ب.
٢ وهو لفظ فارسي مركب من "زر" بمعنى الذهب، و"كون" بالكاف الفارسية ومعناه لون. فمعنى التركيب: لون الذهب. وانظر التقريب ٩.
٣ من أرجوزة في ديوانه ٥٦.
٤ سقط في أ.
٥ آية ٣٩ سورة يس.
٦ الكباسة: العذق بشماريخه. وهو ما عليه الرطب ويقال له السباطة.
٧ كذا في أ. وفي ش، ب: "كان القياس على هذا أن يكون".

<<  <  ج: ص:  >  >>