للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى ذلك قالوا: عالم وعلماء -قال سيبويه ١: يقولها من لا يقول عليم- لكنه٢ لما كان العلم إنما يكون الوصف به بعد المزاولة له وطول الملابسة صار كأنه غريزة, ولم يكن على أول دخوله فيه ولو كان كذلك لكان متعلمًا لا عالمًا فلما خرج بالغريزة إلى باب فعُل صار عالم في المعنى كعليم فكسر تكسيره ثم حملوا عليه ضده فقالوا: جهلاء كعلماء وصار علماء كحلماء لأنه العلم محلمة لصاحبه, وعلى ذلك جاء عنهم فاحش وفحشاء لما كان الفحش ضربًا من ضروب الجهل, ونقيضًا للحلم أنشد الأصمعي -فيما روينا عنه:

وهل علمت فحشاء جهله٣

وأما٤ غسا٥ يفسى, وجبى يجبى, فإنه كأبى يأبى. وذلك أنهم شبهوا الألف في آخره بالهمزة في قرأ يقرأ وهدأ يهدأ. وقد قالوا غسى يغسى فقد يجوز أن يكون غسا يغسى من التركب٦ الذي تقدم ذكره. وقالوا أيضًا جبى يجبى وقد أنشد أبو زيد:

يا إبلي ماذا مه فتأبِيَهْ

فجاء به على وجه القياس, كأتى يأتي. كذا رويناه عنه وقد تقدم٧ ذكره، وأنني قد شرحت حال هذا الرجز في كتابي "في النوادر الممتعة".


١ كذا في أ. وفي سائر الأصول: "من يقولها لا يقول عليم". والذي في سيبويه ٢/ ٢٠٦: " ... وعلماء يقولها من لا يقول إلا عالم".
٢ هذا من كلام ابن جني.
٣ من رجز لصخير بن عمير في الأصمعيات ٥٨ وبعده:
ممغوثة أعراضهم ممرطلة
وأورد اللسان هذا الشطر مع آخر في "مغث".
٤ كذا في ش، ب، وفي أ: "فأما".
٥ يقال: غسا الليل: أظلم.
٦ كذا في أ. وفي ش، ب: "التركيب".
٧ انظر ص٣٣٣ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>