للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يضيِّق الطريق على أبي إسحاق وأبي بكر في اختلافهما١ في رتبة الحاضر والمستقبل.

وكان أبو الحسن يذهب إلى أنّ ما غيّر لكثرة استعماله إنما تصوَّرته العرب قبل وضعه, وعلمت أنه لا بُدَّ من كثرة استعمالها٢ إياه فابتدءوا بتغييره، عِلْمًا بأن لا بُدَّ من كثرته الداعية إلى تغييره. وهذا في المعنى كقوله:

رأى الأمر يفضي إلى آخر ... فصيَّر آخره أولًا٣

وقد كان أيضًا أجاز أن يكون٤ قد كانت قديمًا٥ معربة, فلما كثرت غُيِّرَت فيما بعد. والقول عندي هو الأول؛ لأنه أدلّ على حكمتها واشهد لها٦ بعلمها بمصاير


١ فيرى أبو إسحق الزجاج أن المستقبل أول الأفعال، واحتج لذلك بأن الأفعال المستقبلة تقع بها العدادات ثم توجد فتكون حالًا ثم يمضي عليها الزمان فتكون في الماضي، وتبعه تلميذه الزجاجي، ويرى أبو بكر بن السراج أن الحاضر هو أوّل الأفعال، وقد ساق السيرافي حجة هذا القول، وإن لم ينسبه إلى أبي بكر، وقد نُسِبَ الأول إلى أبي إسحق. ويرى بعض النحاه أن الأصل في الأفعال هو الماضي.
وانظر السيرافي ١/ ١٣ "تيمورية". وانظر في مذهب الزجاجي الأشباه والنظائر النحوية للسيوطي ١/ ٥٤ طبعة الهند الأولى، وفي المسألة بوجه عام الارتشاف، الورقة ٣١٤.
٢ كذا في ش، ب. وفي ج: "استعمالهم". وفي أ: "استعماله". وهو خطأ.
٣ "أخره"، كذا في أ، ب، ش. وفي ج "غايته".
٤ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "تكون", والحديث عمَّا غير لكثرة الاستعمال، وعني به المبنيات وهي ضرب منه.
٥ أي: لأن الإعراب وهو الأصل في الأسماء فبناؤها عارض في الرتبة والتقدير، وقد جعل علة بنائها كثرة استعمالها، وذلك أنها صارت لكثرة استعمالها قوالب الكلام, فاقتضى ذلك أن تبقى على صورة واحدة، فكانت مبنية. ولم يرض هذا الكلام ابن الطيب في شرح الاقتراح, فاعترض بأن هذا يقضي بأن يكون كثرة الاستعمال من أسباب البناء ولا قائل به، وابن جني لا يلتزم اصطلاح النحاة ويتكلم على أصل الوضع.
٦ كذا في أ، ج. وسقط في ش، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>