للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرها فتركوا بعض الكلام مبنيًّا غير معرب؛ نحو: أمس وهؤلاء وأين وكيف وكم وإذ, واحتملوا ما لا يؤمن معه من اللبس؛ لأنهم إذا خافوا ذلك زادوا كلمة أو كلمتين, فكان ذلك أخف عليهم من تجشمهم اختلاف الإعراب واتقائهم الزيغ والزلل فيه, ألا ترى أن من لا يعرب فيقول: ضرب أخوك لأبوك, قد يصل باللام إلى معرفة الفاعل من المفعول، ولا يتجشّم١ خلاف الإعراب ليفاد منه المعنى، فإن تخلل٢ الإعراب من ضرب إلى ضرب يجري مجرى مناقلة٣ الفرس، ولا يقوى على ذلك من الخيل إلّا الناهض الرجيل٤، دون الكودن٥ الثقيل, قال جرير:

من كل مشترفٍ وإن بعد المدَى ... ضَرِمِ الرقاق مناقل الأجرال٦

ويشهد للمعنى الأول أنهم قالوا: اُقْتُل, فضموا الأوَّل توقعًا للضمة تأتي من بعد٧. وكذلك قالوا: عظاءة وصلاءة وعباءة, فهمزوا مع الهاء توقعًا لما سيصيرون إليه من طرح الهاء, ووجوب الهمز عند العظاء والصلاء والعباء. وعلى ذلك قالوا:


١ كذا في أ. وفي ش، ب: "لم".
٢ كذا في أ، ج. وفي ش، ب: "تحلل". يريد يتخلل الإعراب تتابعه. من قولهم: تخلله بالريح: طعنه به طعنة إثر أخرى.
٣ هي سرعة نقل قوائمه, ويفسرها بعضهم بأن يضع الفرس يده ورجله على غير حجر لحسن نقله في الحجارة.
٤ وهو القوي على المشي.
٥ هو الهجين غير الأصيل.
٦ المشترف: يريد به الفرس العالي الخلق. والرقاق: الأرض الليثة لا رمل فيها. وضرم: متوقد ملتهب، يريد أنه يتوقد نشاطًا وسرعة في الرقاق، ويناقل في الأجرال: يسرع السير فيها, فلا تقع قوائمه على الحجارة، والأجرال جمع الجرل -بالتحريك, وهو المكان الصلب الغليظ. وقوله: "ضرم الرقاق" كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "صرم الرقاق" وهو تحريف. وقبل البيت:
إن الجياد بيتن حول خبائنا ... من آل أعوج أو لذي العقال
وانظر الديوان نشر الصاوي ٤٦٨, والنقائض طبع أوروبا ٣٠٣، واللسان "جرل، نقل".
٧ كذا في أ. وسقط في ش، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>