للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء منتن, فكسروا أوله لآخره, وهو مُنْحَدر من الجبل, فضموا الدال لضمة١ الراء. وعليه قالوا: هو يجوءك٢، وينبؤك, فأثر٣ المتوقع لأنه كأنه حاضر. وعلى ذلك قالوا: امرأة شمباء٤، وقالوا: العمبر, ونساء شمب, فأبدلوا النون ميمًا مما يتوقّع من مجيء الباء بعدها. وعليه أيضًا أبدلوا الأول للآخر في الإدغام نحو: مرأيت٥؟ واذهفّى ذلك٥، واصحمطرا٥. فهذا كله وما يجري مجراه -مما يطول ذكره- يشهد لأن كل ما يتوقع إذا ثبت في النفس كونه كان كأنه حاضر مشاهد. فعلى ذلك يكونون قدموا بناء نحوكم وكيف وحيث وقبل وبعد, علمًا بأنهم سيستكثرون فيما بعد منها فيجب لذلك تغييرها.

فإن قلت: هلَّا ذهبت إلى أن الأسماء أسبق رتبة من الأفعال في الزمان, كما أنها أسبق رتبة منها في الاعتقاد, واستدللت على ذلك بأن الحكمة قادت إليه، إذ كان الواجب أن يبدءوا بالأسماء؛ لأنها عبارات عن الأشياء, ثم يأتوا بعدها بالأفعال التي بها تدخل الأسماء في المعاني والأحوال٦، ثم جاءوا فيما بعد بالحروف؛ لأنك تراها لواحق بالجمل بعد تركبها٧، واستقلالها بأنفسها نحو: إن زيدًا أخوك, وليت عمرًا عندك, وبحسبك أن تكون كذا؟ ٨ قيل: يمنع٩ من هذا أشياء: منها


١ كذا في ش، ب. وفي أ: "بضمة".
٢ انظر في هذا وما بعده الكتاب ٢/ ٢٥٥.
٣ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "فآثروا".
٤ وصف من الشنب, وهو رقة الأسنان وعذوبتها.
٥ "مرأيت" يريد: من رأيت. "واذهفى ذلك" يريد: اذهب في ذلك. "واصحمطرا" يريد: اصحب مطرًا. وانظر في هذا الكتاب ٢/ ٤١٢.
٦ كذا في أ، وفي ش، ب "الأفعال".
٧ كذا في أ، وفي ش، ب: "تراكبها".
٨ كذا في ش، ب. وفي أ: "يكون".
٩ كذا في أ. وفي ش، ب: "تمنع".

<<  <  ج: ص:  >  >>