للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا أرى أن جميع تصرف "ن ع م " إنما هو من قولنا في الجواب: نعم. من ذلك النِّعْمة والنَّعْمة والنَّعيم والتَّنْعيم ونَعِمتُ به بالًا, وتنعم القوم والنعمى والنعماء وأنعمت١ به له، وكذلك البقية. وذلك أن "نعم" أشرف الجوابين, وأسرهما للنفس, وأجلبهما للحمد, و"لا" بضدها, ألا ترى إلى قوله:

وإذا قلت نَعَم فاصبر لها ... بنجاح الوعد إنَّ الخلف ذمّ٢

وقال الآخر: أنشدناه أبو علي:

أبي جوده لا البخل واستعجلت به ... نَعَمْ مِن فتى لا يمنع الجوع قاتله٣

يُرْوَى بنصب "البخل" وجره, فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما: أن يكون بدلًا من "لا"؛ لأن "لا" موضوعة للبخل, فكأنه قال: أبي جوده البخل. والآخر: أن تكون "لا" زائدة، حتى كأنه قال: أبي جوده البخل، لا على البدل لكن على زيادة "لا". والوجه هو الأول؛ لأنه قد ذكر بعدها نعم, ونعم لا تزاد, فكذلك٤ ينبغي أن تكون "لا" ههنا غير زائدة. والوجه الآخر على الزيادة صحيح أيضًا؛


١ كذا في أ. وسقط في ش، ب.
٢ "قلت" كذا في أ، ب، ج. وفي ش "قالت", وما أثبت موافق لما في اللسان في نَعَم. والبيت للمثقَّب العبدي من قصيدة مفضلية. وانظر ابن الأنباري ٥٨٩.
٣ هذا البيت من شواهد المغني في مبحث "لا" وفيه: "الجود" بدل الجوع, وقد نقل السيوطي في شرح شواهد المغني خلافًا في تفسيره, فانظره في ص٢١٧ من كتابه، وانظر اللسان في الألف اللينة, ففيه تفسير جيد لابن بري, حاصله أن هذا الرجل يمنح الجوع عند المحتاجين الطعام الذي يقتله، ولا يبخل على الجوع بهذا الذي يقتله. وظهر أن تفسر ابن بري لابن السكيت، نقله عنه البغدادي في شرح شواهد المغني. والبيت لا يعرف قائله. وانظر شواهد المغني المذكور ٢/ ١٩٠.
٤ كذا في ش، ب، وفي أ: "وكذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>