للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجرى ذكر "لا" في مقابلة نعم. وإذا جاز ل"لا" أن تعمل وهي زائدة فيما أنشده أبو الحسن من قوله ١:

لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إليّ لا مت ذوو أحسابها عُمَرَا٢

كان الاكتفاء بلغظها من غير عمل له أولى بالجواز.

ومن جره فقال: "لا البخل" فبإضافة "لا" إليه؛ لأن "لا" كما تكون للبخل٣ قد تكون للجود أيضًا, ألا ترى أنه لو قال لك إنسان: لا تطعم الناس ولا تقر الضيف ولا تتحمل المكارم, فقلت أنت: "لا" لكانت هذه اللفظة هنا للجود لا للبخل, فلما كانت "لا" قد تصلح للأمرين جميعًا أضيفت إلى البخل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين المعنيين الضدين.

فإن قلت: فكيف تضيفها وهي مبنية؟ ألا تراها على حرفين الثاني حرف لين, وهذا أدل شيء على البناء، قيل: الإضافة لا تنافي البناء، بل لو جعلها جاعل سببًا له لكان "أعذر من"٤ أن يجعلها نافية له, ألا ترى أن المضاف٥ بعض الاسم، وبعض الاسم صوت, والصوت واجب بناؤه. فهذا من طريق القياس, وأما من طريق السماع: فلأنهم قد قالوا: كم رجل "قد"٦ رأيت, فكم مبنية وهي مضافة.


١ أي: الفرزدق يهجو عمر بن هبيرة الفزاري, وانظر شرح شواهد العيني في مبحث لا النافية للجنس, والخزانة ٢/ ٨٧, والديوان طبع أوربا ١٨٠.
٢ "إلي لا مت" كذا في أ، ب، ج، وش. وفي الخزانة: "إذا للام" ويريد بعمر ابن هبيرة الفزاري، وهو من عمال سليمان بن عبد الملك، وفزارة ترجع في النسب إلى غطفان. وانظر الخزانة ٢/ ٨٧، وديوان الفرزدق طبع أوربا ص١٨٠.
٣ كذا في ش، ب. وفي أ: "فلقد", وكذا في نقل البغدادي في شواهد المغني.
٤ "أعذر" في ج: "أجدر". "من" كذا، في ش، ب، ونقل البغدادي في شواهد المغني. وفي أ "ممن".
٥ كذا في أ، ب، ج. وفي ش "المضافة".
٦ كذا في أ، ج. وسقط هذا في ش، ب, وما أثبت موافق لما في شواهد المغني للبغدادي، و"قد" في هذا المقام تبعدكم عن أن تكون استفهامية، بل خبرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>