للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا أيضًا: لأضربنَّ أيهم أفضل, وهي مبنية عند سيبويه. فهذا شيء عرض قلنا فيه.

ثم لنعد إلى ما كنّا عليه من أن جميع باب "ن ع م " إنما هو مأخوذ من "نعم", لما فيها من المحبة للشيء والسرور به١. فنعمت الرجل, أي: قلت له "نعم", فنعم بذلك بالًا، كما قالوا: بجَّلته, أي: قلت له: "بجل" أي: حسبك حيث انتهيت فلا غاية من بعدك، ثم اشتقوا منه الشيخ البجال، والرجل البجيل. فنعم وبجل كما ترى حرفان, وقد اشتق منهما أحرف كثيرة.

فإن قلت: فهلَّا كان نَعَمْ وبَجَلْ مشتقين من النعمة والنعيم, والبجال والبجيل, ونحو ذلك دون أن يكون كل ذلك مشتقًا منهما؟ قيل: الحروف يشتق منها ولا تشتق هي أبدًا. وذلك أنها لما جمدت فلم تتصرف شابهت بذلك أصول الكلام الأُوَل٢ التي لا تكون مشتقة "من شيء"٣؛ "لأنه ليس قبلها ما تكون فرعًا له ومشتقة منه"٤، يؤكد ذلك عندك قولهم: سألتك حاجة فلوليت لي، أي: قلت لي "لولا", فاشتقوا الفعل من الحرف المركب من "لو" و"لا", فلا يخلو هذا أن يكون "لو" هو الأصل، أو "لولا"٥ لا يجوز أن يكون "لولا"، لأنه لو كان "لو" محذوفًا منه, والأفعال لا تحذف, إنما تحذف الأسماء نحو: يدٍ ودمٍ وأخٍ وأب, وما جرى مجراه, وليس الفعل كذلك. فأمَّا خذ وكل ومر, فلا يعتدّ إن شئت لقلته, وإن شئت لأنه حذف تخفيفًا في موضع وهو ثابت في تصريف الفعل, نحو: أخذ يأخذ وأخذ وآخذ.


١ كذا في أ. وسقط في ش، ب.
٢ ضبطت هكذا وصفًا لأصول. وفي أ: "الأوّل" بزنة الأفعال وصفًا للكلام.
٣ كذا في أ، وفي ش، ب: "منه".
٤ ثبت ما بين القوسين في أ، وسقط في ش، ب.
٥ يريد الفعل لولي، والواجب على رسم البصريين كنايته بالياء. وفي ج: "ولا يجوز أن يكون لو ليت هو الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>