للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففؤاد من لفظ "ف أد " وفادٍ من تركيب "ف د ى " , لكنهما لما تقاربا هذا التقارب دَنَوَا من التجنيس. وعليه قول الحمصي ّ١:

وتسويف العدات من السوافي٢

فظاهر هذا يكاد لا يشك أكثر الناس أنه مجنس, وليس هو كذلك. وذلك أن تركيب "تسويف" من "س وف " وتركيب السوافي من "س ف ي "٣، لكن لما وجد في كل واحد من الكلمتين سين وفاء٤ وواو, جرى في بادي السمع مجرى الجنس الواحد, وعليه قال الطائي الكبير:

أَلْحَدٌ حوى حية الملحدين ... ولَدْنُ ثرىً حال دون الثراء ٥

فيمن رواه٦ هكذا "حوى حية الملحدين" أي: قاتل المشركين, وكذلك قال في آخر البيت أيضًا:

ولدن ثرى حال دون الثراء


١ هو عبد السلام بن رغان المعروف بديك الجن. وانظر رسالة الغفران طبع المعارف ٣٨٣.
٢ "العدات" كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "العذاب"؛ وفي رسالة الغفران "الظنون", و"السوافي" جمع السافي، وهو الريح التي تسفي التراب أو هو التراب نفسه، ضربه مثلًا لما يبعث الأذى. والسواف: الهلاك، وقد فسر بهذا في رسالة الغفران.
٣ هذا على روايته "السوافي", وأما على رواية رسالة الغفران "السواف" وهو الهلاك, فالمادة للتسويف والسواف واحدة.
٤ في غير أبعدها زيادة: "وياء".
٥ هذا في مرئية لخالد بن زيد بن مزيد الشيباني, وترى "وألحد" و"لدن" مرفوعين، وهو ما في الديوان. وفي أصول الخصائص "ألحدا" ولدن بنصبهما والوجه ما أثبته، يقول: أيحوى لحد حية الملحدين! يعجب من هذا. والملحدون: الكافرون، وحيتهم: مهلكهم كما يهلك الحية مَنْ لدغه. و"لدن ثرى فاللدن الناعم, وهو من إضافة الصفة للموصوف, أي: أيحول الثري -وهو هنا تراب القبر- دون الغنى والوفر الحالين فيه بحلول المرثي.
٦ أي لا فيمن روى: جثة الملحدين, والملحدون في هذه الرواية الذين ألحدوه في قبره ووضعوه في لحده. وهم المشيعون, يقول: هنا جئتنا جميعًا, فكيف يضمنا اللحد! ويقول التبريزي في شرحه: "والصواب هو الرواية الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>