للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوجب إعلاله, وأن يقول: إست أآس, كهبت أهاب. فظهوره صحيحًا يدلّ على أنه إنما صحَّ؛ لأنه مقلوب عمَّا تصح عينه وهو "يئست", لتكون الصحة دليلًا على ذلك المعنى, كما كانت صحة "عور" دليلًا على أنه في معنى ما لا بُدَّ من صحته وهو "أعورّ".

فأمّا تسميتهم الرجل "أَوْسا" فإنه يحتمل أمرين, أحدهما: أن يكون مصدر "أسته" أي: أعطيته كما سموه عطاء وعطية, والآخر: أن يكون سموه به كما سموه ذئبًا. فأما ما أنشدناه١ من قول الآخر ٢:

لي كل يوم من ذؤاله ... ضغثٌ يزيد على إباله٣

فلا حشأنّك مشقصًا ... أوسًا أويس من الهباله٤

ف"أوسًا" منه ينتصب على المصدر بفعلٍ دلَّ عليه قوله: "لأحشأنك", فكأنه قال: "لأؤوسنك أوسًا" كقول الله سبحان: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ} ٥ لأن مرورها يدل على صنع الله, فكأنه قال: صنع الله ذلك صنعًا, وأضاف المصدر إلى فاعله, كما لو ظهر الفعل الناصب لهذا المصدر لكان مسندًا إلى اسم الله تعالى. وأما قوله "أويس" فنداء, أراد: يا أويس, يخاطب الذئب وهو اسم٦ له مصغرًا, كما أنه اسم٦ له مكبر, قال:


١ كذا في أ. وفي ش، ب: "أنشده".
٢ هو أسماء بن خارجة؛ كما في اللسان في أوس، وانظر اللالئ ٤٣٧.
٣ ذؤالة: الذئب، وقوله: "ضغث يزيد على إبالة" أي: بلية على بلية، وكأن الذئب طمح في ناقته الهبالة. وقوله: "لي" في اللسان "في".
٤ يقال: حشأه سهمًا: رماه به. والمشقص: سهم عريض النصل.
٥ آية ٨٨ سورة النمل.
٦ يريد أن "أويسًا" يقع على الذئب في مقام تحقيره، وحيث لا يراد ذلك، فهو في صيغة الصغر ومعناه. معنى الذئب؛ ألا ترى أن "أويس" في الرجز الآتي لا يراد تحقيره. وفي اللسان "أوس", "وأويس": اسم الذئب, جاء مصغرًا مثل الكميت واللجين، ويجوز أن يكون المراد أن أويسًا الذي في سورة المصغر اسم الذئب، كما أن مكبره -وهو أوس- اسم للذئب أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>