للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك حبل مال, كأنه يضبطها كما يضبطها الحبل يشد به. ومنه الحبل: الداهية من الرجال؛ لأنه يضبط الأمور ويحيط بها.

وكذلك عسْل١ مال؛ لأنه يأتيها ويعسل٢ إليها من كل مكان, ومنه الذئب العسول, ألا ترى أنه إنما سمي٣ ذئبًا لتذاؤبه وخبثه ومجيئه تارة من هنا ومرة٤ من هنا.

وكذلك زرّ مال: أي يجمعه ويضبطه كما يضبط الزر "الشيء"٥ المزرور.

فهذه الأصول وهذه الصيغ على اختلاف الجميع مرتمية إلى موضع واحد على ما ترى.

ومن ذلك قولهم للدم: الجدَّية والبصيرة. فالدم من الدمية لفظًا ومعنًى, وذلك أن الدمية إنما هي للعين٦ والبصر, وإذا شوهدت فكأنَّ ما هي صورته مشاهد بها, وغير غائب مع حضورها, فهي تصف حال ما بعد عنك. وهذا هو الغرض في هذه الصور المرسومة للمشاهدة. وتلك عندهم حال الدم؛ ألا ترى أن الرميّة إذا غابت عن الرامي استدلّ عليها بدمها, فاتبعه٧ حتى يؤديه إليها. ويؤكد ذلك لك قولهم فيه "البصيرة", وذلك أنها "إذا"٨ أبصرت أدت إلى المرمي الجريح. ولذلك أيضًا قالوا له "الجدية"؛ لأنه يجدي على الطالب للرّمية ما يبغيه منها٩. ولو لم ير الدم لم يستدلل عليها, ولا عرف موضعها, قال صلى الله عليه وسلم "كُلْ ما أصميت ودع ما أنميت"١٠.


١ كذا في ش، ب، ج. وفي أ: "عسبل" وهو خطأ كما تقدم.
٢ أي: يتردد بينها, وهو من قولهم: عسل الذئب: أسرع في مشيه واضطرب.
٣ كذا في أ، ج، وسقط في ش، ب.
٤ كذا في أ. وفي ش، ب، ج: "تارة".
٥ كذا في ب، ج، ش، وسقط في أ.
٦ كذا في أ. وفي ش، ب: "العين".
٧ كذا في أ. وسقط في ش، ب.
٨ كذا في أ، وسقط في ش، ب.
٩ كذا في أ. وفي ش، ب: "معها".
١٠ "ما أصميت" أي: قتلت من الصيد فزهقت روحه بين يديك، و"ما أنميت" هو ما أصابته إصابة غير قاتلة, ثم غاب عن نظرك ومات بعد. والحديث رواه الطبراني. وانظر الجامع الصغير في حرف الكاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>