للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر أن هذه الواو في قوله: ولها كذا هي واو الحال, وصارفة للكلام إلى معنى الابتداء, فقد وجب أن يكون تقديره: لن تراها إلا وأنت تعلم أو تتحقق أو تشمّ, فتأتي بالمبتدأ وتجعل ذلك الفعل المقدَّر خبرًا عنه. فاعرف ذلك.

ومنه قوله ١:

قد سالم الحيات منه القدما ... الأفعوان والشجاع الشجعما

وذات قرنين ضموزا ضرزما

هو من هذا؛ لأنه قد علم أن الحيات مسالمة كما علم أنها مسالمة, ورواها الكوفيون بنصب الحيات، وذهبوا إلى أنه أراد: القدمان, فحذف النون. وينشدون في ذلك قوله:

لنا أعنز لبنٌ ثلاث فبعضها ... لأولادها ثنتًا وما بيننا عنز٢

وينشدون قول الآخر ٣:

كأن أذنيه إذا تشوَّفا ... قادمتا أو قلَّمَا محرّفا


١ عُزِيَ هذا الرجز في الكتاب ١/ ١٤٥ لعبد بني عبس, وفي اللسان: "ضرؤم" نسبته لمساور ابن هند العبسي، وقد نسب لغيرهما. وهو من رجز طويل في وصف الإبل وراعيها. وهذه الأشطار الثلاثة في وصف الراعي. يصفه بخشونة القدمين وغلظ جلدهما، وأنّ الحيات لا تؤثر فيها. والشجاع، ضرب من الحيات، والشجعم: الطويل. ويريد بذات قرنين: حية لها قرنان من جلدها. والضموز: الساكنة المطرقة التي لا تصفرّ لخبثها، فإذا عرض لها إنسان ساورته وثبًا. والضرزم: المسنقة، وذلك أحبث لها. وانظر الخزانة ٤/ ٥٦٩.
٢ اللبن جمع لبون، وهي ذات اللبن.
٣ هو محمد بن ذؤيب العماني. وهو في صفة فرس. و"تشرّف" تطلع. والقادمة إحدى قوادم الطير وهي مقدّم ريشة، في كل جناح عشرة. وانظر الخزانة ٤/ ٢٩٢ والكامل ٧/ ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>