للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينادي الملك هاجر يقول لها: زمي زمي. أي: حوطي الماء بما يجعله عينا، لذلك سميت العين التي ما تزال منذ هذه الآلاف من السنين باقية تروي الحجيج وغيرهم من أهل مكة. سميت زمزم. وكان ذلك النبع مسرى الحياة والعمران لهذه الأرض المقدسة. فقد قصده أول ما قصده الطير الذي يحوم في الفضاء باحثا عن الزاد والماء. وعن طريق الطير عرف الضاربون في الصحراء أن هناك حيث الطير ماء وحياة، فقصدوا المكان وأقاموا هناك، وتتابع القوم يرتوون عابرين أو مقيمين حتى أصبحت تلك البقعة الطاهرة أرض الحجيج ومولد الأمين محمد عليه الصلاة والسلام.

وفي هذا المكان الطاهر وقعت قصة ذبح إسماعيل وفداء الله له بكبش من الجنة، وهذا يدل على أن نبي الله إبراهيم كان يزور ولده من حين إلى حين، واطمأن إلى أن الله استجاب دعاه وعمر المكان، وأن ولده أصبح في أمن وبين قوم وعشيرة يحبهم ويحبونه. ثم أتاه يوما بعد غيبة طويلة يفع فيها إسماعيل وأصبح رجلا، ليخبر ولده أن الله أمرهما أن يرفعا قواعد بيت الله في هذا المكان من الأرض, وكما هي عادة إسماعيل قال لأبيه لبيك أبي لك السمع والطاعة وعلي الجهد والصبر. وبعزيمة المؤمنين وصبر المجاهدين أتما ما أمر الله به, وفي هذا يقول القرآن الكريم١.

{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} .

تلك في إيجاز قصة بناء الكعبة وحادثه السعي بين الصفا والمروة وهما


١ من سورة البقرة آية ١٢٧.

<<  <   >  >>