للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استعدادا للخضوع لهذين العاملين لذلك نادى جان جاك رسو ومنتسوري بمبدأ عقوبة الطفل، العقوبة التي ترده عن المخالفة وتعود به إلى جادة الصواب، والقصة في التهذيب يجب أن تشمل على بيان الثواب والعقاب وكيف ينال الطفل عطف المجتمع وتضامنه معه، ولماذا يصبح البعض مكروها مبغضا من الآخرين, ومن خلال هذا السياق يعرض المعلم أوجه الثواب والعقاب عند الله وأسبابهما والطرق المؤدية إليهما. ولا يصح أن يكون العرض على هيئة أوامر ونواهي وإنما يجب أن يتضمن من الإيحاء ما يؤدي إلى غرس هذه الأخلاق والمثل -التي أشرنا إليها في النقاط السابقة- في نفوس التلاميذ غرسا يجعلها تصدر عنهم بغير تكلف أو رياء؛ لأنهم إذا أدركوا قيمتها الروحية ونسبتها إلى الله الذي هو وحده العالم بهم وبكل أعمالهم، امتلئوا بجب هذا الخالق العظيم، وشعروا بضرورة الرجوع إليه عند الشدائد. وأخضعوا نوازعهم لرقابة الله طمعا في محبته ورضاه لا عن خوف ورهبة.

إذا استطاع المعلم إبراز هذين الجانبين، حب الله. وحب المجتمع، فإنه بذلك يكون قد وصل إلى الغاية المرجوة من دروس التهذيب. وحقق مبدأ إسلاميا عظيما وهو ربط العقيدة بالعمل.

وأرى من المفيد في هذا المقام أن أبين بعض الأشياء التربوية التي تساعد على جعل دروس التهذيب أكثر فائدة، وأصدق وقعا في تربية النشء، وتنظيم اتجاهاته الأخلاقية بعيدا عن الانفعالات اللاإرادية، أو التقليد السيئ لحضارات ونظم مستوردة لا تقترب ولا تتشابه مع الإسلام في شيء.

أولا: إيمان المعلم برسالته، ومعرفته للدور القيادي الذي يقوم به في بناء الأجيال حيث يشكل هو أعظم قاعدة أخلاقية وإنسانية في حياة أمته وفي نفوس تلاميذه، فهو بالنسبة للأمة المخترع العظيم الذي في معمله تبنى الرجال، وتفتح العقول،

<<  <   >  >>