للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحدد الاتجاهات. وبالنسبة لتلاميذه فهو القدوة الفعالة والمؤثرة لفترة طويلة شاء ذلك أم أبى. لذلك يجب عليه أن يزن تصرفاته وأقواله بميزان الحكمة والصدق، حتى يرى فيه تلاميذه صورة الإنسان الذي ننشد تكوينهم على مثاله، وليعلم أن كل حركة وسكنة محسوبة عليه، فالطفل أشد نقدا وأصدق نظرة لمعلمه من أي شيء آخر في حياته. فإذا ما ارتكب هذا المعلم حماقة أيا كان حجمها فإن الطفل سوف يتأثر بها، ويكون تأثره في الغالب ذا أبعاد لا تنحصر في دائرة المدرسة والمعلم، وإنما تتعدى ذلك إلى المجتمع وإلى حياته العملية والخلقية، فليحذر المعلم أن يكون سببا في فساد إنسان وانحلال مجتمع، وانهيار أخلاق. وليضع قاعدة لنفسه في الملبس، والمأكل، والمشرب والقول والفعل داخل المدرسة على الأقل. إن لم يكن في حياته كلها. وليس ذلك بعسير إذا ما عرف المعلم أنه صاحب رسالة، وأصحاب الرسالات يمتازون بصفات أخلاقية معينة. وإذا ما عرف المعلم أيضا أن الطفل الذي يربيه مفطور على المحاكات والتقليد. وأن أول من سيقلده هو معلمه فعليه أن يوجه نفسه إلى كل ما يريد أن يربي عليه أطفاله من أخلاق وعبادات ومعاملات ومثل، حتى يصدر درس التهذيب من صميم نفسه عن قناعة ويقين، وحتى لا يكون أمام تلاميذه أشبه بالمهرج الذي يقول ما لا يفعل، وبالتالي سيعود أطفاله الملق والنفاق والغش والخداع، وعدم اليقين بأي شيء، حتى تهتز في عيونهم صور اليقين نفسه، وبهذا نشاهد مجتمع اللامبالاة والشك والحيرة. ولست أجد مسئولا عن ذلك إلا المعلم بالدرجة الأولى والأسرة بالدرجة الثانية، وليس لغيرهما دور في ذلك إلا بدرجة تشبه اللقاء العابر في حياة الناس.

ثانيا: تلك التربية التي تفسح المجال للطفل ليمارس بالفعل العادات والاتجاهات

<<  <   >  >>