للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على نهج الإسلام في التعليم والتثقيف. وعلى المعلم أن يختار ما يلائم تلاميذه من الطرق، وأن يسلك مختلف السبل ليحقق أقصى الغايات في التربية الإسلامية، وفي تثبيت أهدافها في عقول التلاميذ.

وأحب أن أشير إلى أن تعاليم الإسلام تعنى أول ما تعنى بتربية الأخلاق وتهذيبها، والأخلاق ليست دروسا تلقن ولا كلمات تستحفظ، إنما هي عادات وعواطف يمتلئ بها وجدان الطفل، حتى تصبح جزءا من ذاته وكيانه، فإذا مارسها جاءت منه عن قناعة ورغبة، وتركت في نفسه راحة وطمأنينة, وليس في إمكان المعلم تحقيق ذلك، إلا إذا ضرب المثل بنفسه ليقتدى به، وإلا إذا تخير الوقت المناسب ليحرك وجدان الأطفال للمعنى الذي يريد أن يغرسه في نفوسهم, والوقت المناسب يأتي عرضا أثناء الدرس, فلو افترضنا أن الدرس عن سورة "الكوثر" والدرس يقوم على الحوار والمناقشة بين المعلم والتلاميذ, فإن الوقت الملائم هنا لغرس المبدأ الحقيقي المراد من السورة يكون عند سؤال التلاميذ عن معنى "النحر" وهنا بعد بيان المعنى يعلمهم "شكر الله" على منحه وعطاياه، ويبين لهم فضيلة الشكر وأثرها في حياة الإنسان, ويا حبذا لو كان هذا الدرس في مناسبة عيد الأضحى, وكذلك يجب أن يبين لهم رزيلة البغض وما تجره على الناس من ويلات عند بيان معنى "شانئك" ومعنى "الأبتر" ولا يكون الدرس مجرد شرح الكلمات, وتوضيح معناها واستعراض الأفكار الموجودة فيها؛ لأن ذلك لا يتناسب مع دروس الدين، التي هي في جوهرها عملية أخلاقية. تربي الفضيلة، وتمحو الرذيلة، وتطهر الروح. وترقق الوجدان.

وقد حرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تعليمه لأصحابه على الربط بين أمور الدنيا التي تدور بها حياة الناس، وبين آمال الآخرة التي إليها المستقر وفيها البقاء الدائم، فجاءت كلماته موازنة بين الخيرين ورابطة بينهما، مما يجعل المرء

<<  <   >  >>