للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحقائق والعمل بها، ولن يستطيع المسلمون إدراك ذلك والعمل به إلا إذا قامت التربية في مدارسهم وجامعاتهم ومعاهدهم على الأسس الصحيحة لهذا الدين، وأخذت من ينابيع الأحكام والقضايا الإسلامية مناهجها وطرقها في التعليم والتعلم, وحول هذا يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضا، فكان منها نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" ١ فهو يبين أن رقي الإنسانية وتقدمها وسعادتها في تعلم هذا الدين والعمل به، وأن أفضل الناس من كان عالما عاملا نافعا لنفسه ولغيره, وأن شر الناس من لم ينفع نفسه ولا غيره، وأن الدين حق ثابت لا يتغير وصراط الله مستقيم لا ينحرف، وإنما الناس هم الذين يتغيرون وتتبدل أحوالهم وعقولهم ومعارفهم، وأن أمل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في العمل بهذا الدين، والقيام على مبادئه وأحكامه دون نقص أو تغيير، وأن البشرية ستظل في متاهتها تدور في حلقات مفرغة حتى تهتدي إلى نور هذا الإيمان, فتعمل به فيعم الأرض الأمن والسلام والمحبة، والله تبارك وتعالى يقول:

{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ٢.

ولا نريد أن نكون كمن حملوا التوراة، فنعيش في دنيانا مسلمين بشهادات الميلاد والمواطن والنسب, وكل أعمالنا ومواقفنا وأحكامنا وقضايانا بعيدة كل البعد عن الإسلام ومناهجه، والمدرسة الابتدائية تعد ميدانا خصبا لغرس هذه


١ انظر صحيح البخاري جـ٨ ص٥٧.
٢ سورة الجمعة آية ٥.

<<  <   >  >>