للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبادئ ورعايتها؛ لأن تلميذ هذه المرحلة على استعداد فطري لتقبل المعلومات التي تطرح عليه, سواء كانت متصلة بحياته وعمله اليومي وممارساته للعب وفي نطاق الأسرة، أو كانت متصلة بالغيبيات والأمور التي يجهلها جهلا كليا, ولا يستطيع أحد أن يجد لها رابطا من مشاهداته ومعارفه, بشرط أن تنقل إليه بطريقة يتقبلها عقله, ويشعر في ذاته أن لها مردودا يعود عليه وعلى المحيطين به في الأسرة والمجتمع.

والمنهج الإسلامي بأصوله الأساسية "القرآن، والحديث" ثابت في مقوماته ومبادئه؛ لأنه كما أراد الله متفق وطبيعة الإنسان، وللإنسان كينونة ثابتة، لا ينتقل منها إلى كينونة أخرى. وما يحدث له عبر العصور من تحولات وأطوار تلابس حياته لا تغير من طبيعته ولا تبدل من كينونته، ولا تحوله خلقا آخر، وإنما هي تغيرات سطحية كالأمواج في الخضم، لا تغير من طبيعته المائية, بل لا تؤثر في تياراته التحتية الدائمة المحكومة بعوامل طبيعية ثابتة، وقبل نزول القرآن وبعده عرف الناس أحوالا كثيرة من التغيير والتبديل في الآراء والأفكار والاتجاهات, ولكنها لم تعرف تغييرا مماثلا في بنية الإنسان وذاته بل ظل الإنسان هو الإنسان، وظلت حاجته الدائمة الدائبة إلى منهج رباني يصونه ويحميه من كل ما هو دائر فيه من ماض وحاضر ومستقبل, وظلت فطرة الإنسان تدعوه إلى الإيمان سواء كان إيمانا صحيحا مرده وملتمسه التنزيلات الإلهية, أم كان من صنع البشر واختراعاتهم وأوهامهم.

والقرآن كمنهج إلهي واجه بوضوح تلك الكينونة البشرية الثابتة؛ لأنه من صنع المصدر الذي صنع الإنسان، فهو يواجه حياته بظروفها المتغيرة، وأطوارها المتجددة بنفس المرونة التي يواجه بها الإنسان ظروف الحياة المتغيرة، وأطوارها المتجددة وهو محافظ على مقوماته الأساسية، مقومات الإنسان. وفي الإنسان هذا الاستعداد وهذه المرونة، وإلا ما استطاع أن يواجه ظروف الحياة وأطوارها،

<<  <   >  >>