للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}

وهو يدعو الإنسان أن يكون منفقا لماله في وجوه الخير عن رضا واختيار، لا عن جبر وقهر، ويعتبر الإنفاق عن طريق الإلزام كأن لم يكن، يقول تعالى في سورة التوبة آية ٥٤.

{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}

وقد أطلت الحديث حول موضوع الربا؛ لأنه من القضايا الهامة في الإسلام التي تتعلق بالمال وطرق استعماله في وجهه الصحيح، وأحب أن أعرض هنا رأيا للأستاذ العقاد رحمه الله يتعلق بهذا الموضوع يقول١: "ونحن لا نريد أن نقارن هنا بين الإسلام والديانات الكتابية في قضية الربا بأنواعه، ولكننا نريد أن نقارن بينه وبين المذاهب الاقتصادية التي يظن أصحابها أنهم يحيطون بحكمة التشريع العامة في جميع العصور؛ لأنهم حسبوا أن فترة من فترات الزمن تستوعب هذه الحكمة وتفرغ منها على نحو لا يقبل المراجعة والتعديل. فإذا خيل إليهم في وقت من الأوقات أن الحضارة مرهونة بنظام معلوم في المصارف والشركات خطر لهم أن يفرضوا هذا النظام بعجره وبجره على الماضي والحاضر والمستقبل في المشرق والمغرب وبين جميع الملل والأقوام، وطلبوا إلى أصحاب العقائد أن ينسخوها وإلى أصحاب الشرائع أن ينقضوها، وإلى أصحاب المبادئ الخلقية والفكرية أن يقتلعوها من جذورها، واجترءوا على من يناقضهم وينظر إلى مما فوق أنوفهم فاتهموه بالجمود والنكسة, وألقوا عليه تبعة الفساد والرجعة بالعقول إلى الوراء.

وها هي ذي قواعد الحضارة التي يتعللون بها تتطلب اليوم من نظم الاقتصاد ما لم تكن تتطلبه قبل خمسين سنة، وسوف تتطلب بعد خمسين سنة


١ انظر حقائق الإسلام وأباطيل خصومه ص١٨٦ وما بعدها للأستاذ العقاد.

<<  <   >  >>