الحمد لله الملهم بالمنطق الفصيح اللساني، للإعراب عما استكن في الضمير من المعاني، المميز المخصوص بجميع صفات وحالات الكمالات والمفاخر، هادي الألباب للغوص في بحر علم العربية مفتاح العلوم الزاخر، فأخرجوا منه لؤلؤ المعاني والفوائد، ومرجان النكت والقلائد، العاطف على مَن إليه رجع وأناب، المبدل سيآته حسنات بجزيل فضله وحسن الثواب، لا إله إلا هو المنزه عن الابتداء والزمان، واللغة والنحو والجهة والمكان، مرشد القلوب لخلاصة الكافية، الجامعة الشافية الوافية، ونصلي ونسلم على ناسخ الشرائع ذي المقام المحمود الأحمد، سيدنا ومولانا ونبينا محمد، أفصح من نطق بالضاد، وكسر بفصاحته ظهر كل معاند ومتطاول مضاد، وآله وأصحابه، وكل من اقتفى أثره وسَكِر بحبه وصحابه، ما دام العلم منشورًا في المجالس والدروس، ومنظومًا ومنثورًا في الأوراق والطروس، وبعدُ لمّا كانت العربية من أجل العلوم، ولما كانت المصنفات فيها أكثر من أن تعد وتحصى، تميزت من هذه التصنيفات بعضها، وشاع ذكرها، وتُصدي لشرحها، ومن أجَلّ هذه المصنفات "ألفية ابن مالك"، ولها ما يزيد على مئة وثلاثين شرحًا، ما بين مطبوع ومخطوط ومفقود، وقد أعرب أبياتها بعض العلماء، ووضع لها آخرون حواشي وتقريرات وتقييدات وتعليقات، وحوّلها بعضهم إلى نثر، وغير ذلك من ألوان العناية والاهتمام بهذا الكتاب المبارك (١).