للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلهم يقولون فى سجدة السهو: إنها بعد السلام ويتشهد فيها ويسلم. قال حماد بن أبى سليمان: هكذا يفتى أنس بن مالك. قال أبو حنيفة: وسألت أنس بن مالك، فقال هكذا.

وروى قاضى القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادى بإسناده إلى أبى حنيفة أنه قال: نعينا سبعة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسمعت من كل واحد منهم خيرًا، ثم أنهم ذكرانهم: عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى، وعبد الله بن أنس، وعبد الله بن أبى أوفى، وجابر بن عبد الله الأنصارى، وواثلة بن الأسقع، وأنس ابن مالك، وعائشة بنت عجرد. وعن أبى داود الطيالسى، عن أبى حنيفة، قال: ولدت سنة ثمانين، وقدم عبد الله بن أنيس الكوفة سنة أربع وتسعين، ورأيته وسمعت منه وأنا ابن أربع عشرة سنة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حبك للشىء يعمى ويُصّم". وعن عبد العزيز بن حسين الطبرى، قال: حدثنى مكرم بن أحمد، حدثنى محمد بن أحمد ابن سماعة، حدثنى بشر بن الوليد، حدثنى أبو يوسف، حدثنى أبو حنيفة، قال: ولدت سنة ثمانين، وحججت مع أبى سنة ست وتسعين وأنا ابن ست عشرة سنة، فلما وصلت المسجد الحرام رأيت حلقة عظيمة، فقلت لأبى: من هذا؟ فقال: عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى صاحب النبى - صلى الله عليه وسلم -، فتقدمت وسمعته يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من تفقه فى دين الله كفاه الله همه، ورزقه من حيث لا يحتسب (*) ".

وقد قيل: فى بعض ذلك وهم، فإنه لم ير جابر بن عبد الله ولا روى عنه، فإنه مات سنة تسع وسبعين باتفاق الرواة، وهو آخر من مات بالمدينة من أصحاب العقبة. وولد أبو حنيفة على الصحيح سنة ثمانين، وكيف يتصور ذلك؟ قلت: يتصور ذلك على قول من قال: إن مولد أبى حنيفة سنة إحدى وستين أو سنة سبعين، فعلى الأول يكون عمره ثمانى عشر سنة حين توفى جابر، وعلى الثانى تسع سنين، وكذا قيل: إنه لم ير غير أنس. قلت: لا نسلم ذلك فى غير جابر؛ لأن فى جابر وهمًا، وأما غير ذلك فليس فيه وهم ولا غلط. أما أنس بن مالك، فإنه آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة اثنتين، وقيل: سنة ثلاث، فيكون عمر أبى حنيفة حينئذ إما أحد عشر سنة أو اثنى عشر أو ثلاث عشرة، وأما عبد الله بن الحارث بن جزء، فإنه مات بمصر سنة ثمان وثمانين، فيكون عمر أبى حنيفة حينئذ ثمان سنين، وأقل ما قيل فى


(*) أخرجه الحافظ ابن حجر فى لسان الميزان (١/٢٧٠، ٢٧١) ، والرافعى فى التدوين فى أخبار قزوين (٣/٢٦٠، ٢٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>