للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرة أسواط، وهو على الامتناع، فلما رأى ذلك خلى سبيله. وعن يحيى بن آدم: أن أبا حنيفة أراده ابن هبيرة أن يدخل فى الطراز، يعنى بيت المال، فلم يدخل، فضرب ثلاثين يومًا. وعن أبى يوسف: أن ابن هبيرة ضرب أبا حنيفة بالسياط حتى قطع لحمه على أن يلى قضاء الكوفة فلم يفعل.

الفصل الثامن

أن مذهبه أحق بالتقديم وأوفق للإمامة

وأصلح للولاة والأئمة من مذهب المخالفين

من وجوه، منها: أنه أخذ العلم عن حماد بن أبى سليمان، وحماد أخذ عن إبراهيم النخعى، وإبراهيم أخذ عن علقمة والأسود، وهما أخذا عن عمر بن الخطاب، وعلى ابن أبى طالب، وعبد الله بن مسعود، ولم يوجد لأحد من الفقهاء هذه الطريقة ولا يدانيها، فإذا كان كذلك فالأخذ عن إسناده المتصل بالنبى - صلى الله عليه وسلم - فى جل علمه أولى من الأخذ عن غيره. ومنها: أنه كان فى القرن الذى شهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهله بالعدالة والخيرية، فوجب الأخذ بقوله دون من كان فى الزمن الذى ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الكذب يفشو فيه. ومنها: أنه من التابعين كما ذكرناه، والتابعى ممن يشهد له بالعدالة والخير فى الطبقة الثانية. ومنها: أن الفقه سؤال وجواب، فالسؤال له، وكذلك نصف الجواب، وهو ينازعهم فى الربع الباقى، وذلك لأنه أول من وضع الأسئلة، فهذا نصف العلم، ثم أجاب عنها، فقال بعضهم: أصاب، وقال بعضهم: أخطأ فى بعض، فإذا جعلنا نصف جوابه جوابًا صار له نصف النصف فبقى الربع، وهو ينازعهم فيه، ولا يسلم لهم. وأما بيان أن مذهبه أوفق للإمامة فمن وجوه:

أحدها: مسألة الاستثناء المتصل، فإن أبا حنيفة هو الذى وضعها، فعلى هذا لما توجد بيعة الخليفة ولا السلطان ولا عهد لأحد من المسلمين. وروى عن بعض السلف أنه قال: لا يزال الإسلام مشَيَّد الأركان ما بقى له ثلاثة أشياء: الكعبة، والدولة العباسية، والفيتا على مذهب أبى حنيفة.

والثانى: أن الأراضى الخراجية إذا عجزت أربابها عن زراعتها، وعن أداء خراجها، قال أبو حنيفة: للإمام أن يؤجر الأرض من غيرهم، ويأخذ الخراج من الأجرة، وإن لم يجد من يؤاجرها منه جاز له أن يبيعها ويأخذ الخراج من ثمنها، سواء رضى أربابها بذلك أو لم يرضوا. وقال من خالفه: ليس له ذلك.

والثالث: أن الإمام إذا فتح بلدة من بلاد الكفر بالقهر، وأراد أن يمن عليهم ويقرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>