للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فأنا أحب أن أقرأ بها) في كل صلاتي؛ تلذذًا ومحبة لذكر صفاته - تبارك وتعالى -، فرجعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخبروه بما قال، (فقال رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-:

«أخبروه: أن اللَّه تعالى يحبه»)؛ لمحبته قراءة هذه السورة، أو لما شهد به كلامه؛ من محبته لذكر صفات الرب -عز وجل-، وصحة اعتقاده، وفي هذا دليل على: الرضا بفعله ذلك» (١).

الوجه الثالث: بدلالة ما تقدم من عدم فهم أهل العلم أن قراءة سورة الإخلاص تستحب في كل ركعة أو صلاة، فإنه - تنزلًا - يكون الاستدلال بهذا الحديث من المتشابه، فلا يصح أن يرد المحكم وهو أن العبادات على التوقيف لهذا المتشابه.

الوجه الرابع: أن الحديث يدل على أن المتقرر عند الصحابة أن العبادات مبناها على التوقيف، وذلك أنهم ما قبلوا فعل الأنصاري والصحابي الآخر؛ لأنه مخالف لفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيكون هذان الحديثان من الأدلة الكثيرة على أن الأصل في العبادات الحظر والتوقيف.

قال ابن رجب: «لأن أصحابه استنكروا فعله، وإنما استنكروه لأنه مخالف لما عهدوه من عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في صلاتهم؛ ولهذا قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟)» (٢).

ولأنه متقرر عند أهل العلم أن العبادات مبناها على التوقيف، تأول بعضهم فعل هذين الصحابيين بما لا يتعارض مع قاعدة التوقف والحظر في العبادات، بخلاف ما فعله الكاتب، قال ابن حجر: «وقال غيره: يحتمل أن يكون الصحابي


(١) كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (٢/ ٤٥١).
(٢) فتح الباري (٧/ ٧٣).

<<  <   >  >>