للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توقيفيًّا من الرسول، فقد جاء في رواية: فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: وما يدريك أنها رقية؟ قلت يا رسول الله ما دريت أنها رقية، ولكن شيء ألقى الله في نفسي، وفي رواية: ألقي في روعي، كما أن عدد مرات القراءة كان اجتهادًا من أبي سعيد -رضي الله عنه-، ولم يكن عنده منه توقيف» (١).

وكشف هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: أن الرقية ليست من العبادات التي مبناها على التوقيف، بل هي من التداوي الذي مبناه على التجربة، ويدل لذلك حديث عوف بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك» (٢)، فقد قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صحابته رقاهم، مع أن فيهم من كان يرقي في الجاهلية برقى معروفة، ومع ذلك لم يمنع رقيته بشرط ألا تكون شركًا، فدل هذا على أن الرقية من باب التداوي لا العبادات.

قال الإمام ابن تيمية: «ومن هذا الباب إذا جعل للطبيب جعلًا على شفاء المريض جاز، كما أخذ أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين جعل لهم قطيع على شفاء سيد الحي، فرقاه بعضهم حتى برئ، فأخذوا القطيع؛ فإن الجعل كان على الشفاء لا على القراءة» (٣).


(١) (ص ١٣٠).
(٢) أخرجه مسلم رقم (٢٢٠٠).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥٠٧).

<<  <   >  >>