قوله -صلى الله عليه وسلم-: «كل بدعة ضلالة»، طالبًا لدليل تخصيص تلك البدعة التي وقع النزاع في شأنها بعد الاتفاق على أنها بدعة، فإن جاءك به قبلته، وإن كاع كنت قد ألقمته حجرًا واسترحت من المجادلة.
ومن مواطن الاستدلال لهذا الحديث؛ كل فعل أو ترك وقع الاتفاق بينك وبين خصمك على أنه ليس من أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخالفك في اقتضائه البطلان أو الفساد … قائلًا: هذا أمر ليس من أمره، وكل أمر ليس من أمره رَدٌّ، فهذا رَدٌّ، وكل رَدٍّ باطل، فهذا باطل، فالصلاة مثلًا التي ترك فيها ما كان يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو فعل فيها ما كان يتركه؛ ليست من أمره، فتكون باطلة بنفس هذا الدليل … ، قال في الفتح: وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، فإن معناه: من اخترع من الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله؛ فلا يلتفت إليه، قال النووي: هذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به كذلك» (١)، ثم علق الكاتب في الحاشية: «أما ما نقله عن الحافظ ابن حجر في الفتح، فقد تقدم في النصوص السابقة، وقد عرفت رأي ابن حجر، وأنه يرى أن مصطلح البدعة يطلق شرعًا على المحدثات المذمومة، أما غير المذمومة فيطلق عليها الحكم الذي يناسبها، فلعل الشوكاني فهم من قول ابن حجر:(ما لا يشهد له أصل من أصوله) أي لم يرد التنصيص على جوازه، أو لعل الشوكاني أراد نقل رأي المخالف بدون أن يرد عليه، مكتفيًا بما ذكره من قبل، وأما نقله كلام النووي فقد تقدم لك رأيه، وأنه ممن يرى تقسيم البدعة إلى الأقسام الخمسة».