من الغناء، مع البطون الملأى بآلات الباطل، من الدفوف والشبَّابات واجتماع الرجال مع الشباب المرد، والنساء الفاتنات، إما مختلطات بهم أو مشرفات، والرقص بالتثني والانعطاف، والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخاف.
وكذا النساء إذا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتهنيك والتطريب في الإنشاد، والخروج في التلاوة والذكر عن المشروع والأمر المعتاد، غافلات عن قوله تعالى:{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}[الفجر: ١٤].
وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان، ولا يستحسنه ذوو المروءة الفتيان، وإنما يَحِلُّ ذلك بنفوس موتى القلوب، وغير المستقلين من الآثام والذنوب، وأزيدك أنهم يرونه من العبادات، لا من الأمور المنكرات المحرمات، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون، بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ.
ولله در شيخنا القشيري حيث يقول فيما أجازَناه:
قد عرف المنكر واستنكر الـ … ـمعروف في أيامنا الصعبة
وصار أهل العلم في وهدة … وصار أهل الجهل في رتبة
حادوا عن الحق فما للذي … سادوا به فيما مضى نسبة
فقلت للأبرار أهل التقى … والدين لما اشتدت الكربة
لا تنكروا أحوالكم قد أتت … نوبتكم في زمن الغربة
ولقد أحسن أبو عمرو بن العلاء -رحمه الله- حيث يقول: لا يزال الناس بخير ما تعجب من العجب، هذا مع أن الشهر الذي ولد فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ربيع الأول - هو بعينه الشهر الذي توفي فيه، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه.