للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لانقطاع الوحي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهكذا جمع القرآن، فإن المانع من جمعه على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أن الوحي كان لا يزال ينزل، فيغير الله ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته -صلى الله عليه وسلم- واستقرت الشريعة بموته -صلى الله عليه وسلم- أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته -صلى الله عليه وسلم-، فعمل المسلمون بمقتضى سنته، وذلك العمل من سنته، وإن كان يسمى في اللغة بدعة» (١).

وعلى كلا الاحتمالين؛ فإن الحال بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تغيرت عن الحال قبل وفاته، إما بزوال مانع أو وجود مقتض، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «بخلاف ما كان تركه لعدم مقتض، أو فوات شرط، أو وجود مانع، وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع، ما دلت الشريعة على فعله حينئذ، كجمع القرآن في المصحف، وجمع الناس في التراويح على إمام واحد، وتعلم العربية، وأسماء النقلة للعلم وغير ذلك مما يحتاج إليه في الدين، بحيث لا تتم الواجبات أو المستحبات الشرعية إلا به، وإنما تركه -صلى الله عليه وسلم- لفوات شرطه أو وجود مانع» (٢).

قال الشاطبي: «أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتفقوا على جمع القرآن في المصحف، وليس ثَمَّ نصٌّ على جمعه وكتبه أيضًا، بل قد قال بعضهم: كيف


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٩٧).
(٢) القواعد النورانية (ص: ١٥٠).

<<  <   >  >>