للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الليلة بعضٌ من الليالي التي كان يصليها -صلى الله عليه وسلم- أو يحييها، وإنما المحذور المنكر تخصيص بعض الليالي بصلاةٍ مخصوصةٍ على صفةٍ مخصوصةٍ، وإظهار ذلك على مثل ما ثبت من شعائر الإسلام، كصلاة الجمعة والعيد وصلاة التراويح» (١).

وقال: «ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقاتٍ لم يخصصها بها الشرع، بل يكون جميع أفعال البرِّ مرسلةً في جميع الأزمان، وليس لبعضها على بعضٍ فضلٌ إلا ما فضَّله الشرع وخصَّه بنوعٍ من العبادة.

- ثم قال: - فالحاصل أن المكلف ليس له منصبُ التخصيص، بل ذلك إلى الشارع، وهذه كانت صفةَ عبادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» (٢).

قال العز بن عبد السلام: «لم ترد الشريعة بالتقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة لا سببَ لها، فإن القرب لها أسباب وشرائط وأوقات وأركان لا تصلح بدونها، وكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة من غير نسك واقع في وقته بأسبابه وشرائطه، فكذلك لا يتقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة وإن كانت قربة إذا كان لها سبب صحيح، وكذلك لا يتقرب إلى الله تعالى بالصلاة والصيام في كل وقت وأوان، وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى بما هو مبعد عنه من حيث لا يشعرون» (٣).

قال الإمام أبو العباس ابن تيمية: «قاعدةٌ شرعيةٌ: شرع الله ورسوله للعمل بوصف العموم والإطلاق لا يقتضي أن يكون مشروعًا بوصف الخصوص


(١) الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص ٣٨).
(٢) المرجع السابق (ص ٥١).
(٣) بواسطة: الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص ٦١).

<<  <   >  >>