الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
فإن أبا حيان التوحيدي، من المفكرين المسلمين المبدعين، ضرب بسهم في كل علم من علوم عصره، مثقف متمرد على مواضعات عصره، الحالم بالانتقال إلى عالم واعد.
تجمع كتبه إلى عمق الفكرة أناقة العبارة ورشاقة الأسلوب. من أجل ذلك فإن بعض المؤرخين يلقبونه بالجاحظ الثاني، وإن كتابه «الإمتاع والمؤانسة» الذي بين أيدينا من أمتع كتبه وآنسها، ومن أهم آثاره. حيث أبدى برأيه في الكثير من القضايا النقدية والمسائل الخلافية وعالج فيه الكثير من الموضوعات من أخبار أدبية وشعر ونثر ولغة وفلسفة ومنطق وسياسة وحيوان وطعام وشراب ومجون وغناء وتاريخ وتحليل لشخصيات العصر من ساسة وعلماء وفلاسفة وأدباء. مما جعله مرآة لزمانه وجعلنا نعرف ما هي الصراعات الفكرية والثقافية في عصره.
وإننا في المكتبة العصرية، لمّا التزمنا نشر الكتاب الهادف فإنه يسرنا أن نقدم للقراء الكرام هذا الكتاب «الإمتاع والمؤانسة» في طبعته الجديدة اعتمادا على طبعته الأولى التي أصدرها أحمد أمين وأحمد الزين، وقد قدمنا نبذة عن المؤلف وسيرته وإنتاجه وعلاقته بالحكام، وخرّجنا بعض أحاديث الكتاب واخترنا بعضا من هوامش الأستاذ أحمد أمين وأحمد الزين.
وأخيرا نرجو من الله تعالى أن يوفقنا في عملنا وأن يجعله في ميزان حسناتنا إنه قريب مجيب.