للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الليلة التاسعة عشرة]

ورسم بجمع كلمات بوارع، قصار جوامع، فكتبت إليه أشياء كنت أسمعها من أفواه أهل العلم والأدب على مرّ الأيام في السّفر والحضر، وفيها قرع للحسّ، وتنبيه للعقل، وإمتاع للرّوح، ومعونة على استفادة اليقظة، وانتفاع في المقامات المختلفة، وتمثّل للتجارب المخلّفة، وامتثال للأحوال المستأنفة.

من ذلك:

«الحمد لله» مفتاح المذهب. البرّ يستعبد الحرّ. القناعة عزّ المعسر. الصّدقة كنز الموسر. ما انقضت ساعة من أمسك إلّا ببضعة من نفسك. درهم ينفع خير من دينار يضرّ. من سرّه الفساد، ساءه المعاد. الشقيّ من جمع لغيره فضنّ على نفسه بخيره. زد من طول أملك في قصر عملك. لا يغرّنّك صحّة نفسك، وسلامة أمسك، فمدّة العمر قليلة، وصحة النّفس مستحيلة. من لم يعتبر بالأيّام، لم ينزجر بالملام.

من استغنى بالله عن الناس، أمن من عوارض الإفلاس. من ذكر المنيّة، نسي الأمنيّة.

البخيل حارس نعمته، وخازن ورثته. لكلّ امرئ من دنياه ما يعينه على عمارة أخراه.

من ارتدى بالكفاف، اكتسى بالعفاف. لا تخدعنّك الدّنيا بخدائعها، ولا تفتننّك بودائعها. ربّ حجّة، تأتي على مهجة، وربّ فرصة، تؤدّي إلى غصّة. كم من دم، سفكه فم. كم إنسان، أهلكه لسان. ربّ حرف، أدّى إلى حتف. لا تفرط، فتسقط.

الزم الصّمت، واخف الصّوت. من حسنت مساعيه، طابت مراعيه. من أعزّ فلسه، أذلّ نفسه. من طال عدوانه، زال سلطانه. من لم يستظهر باليقظة، لم ينتفع بالحفظة. من استهدى الأعمى عمي عن الهدى. من اغترّ بمحاله، قصّر في احتياله.

زوال الدّول، باصطناع السّفل. من ترك ما يعنيه، دفع إلى ما لا يعنيه. ظلم العمّال، من ظلمة الأعمال. من استشار الجاهل ضلّ، ومن جهل موضع قدمه زلّ. لا يغرّنّك طول القامة، مع قصر الاستقامة، فإنّ الذّرّة مع صغرها، أنفع من الصّخرة على كبرها. تجرّع من عدوّك الغصّة، إن لم تنل منه الفرصة، فإذا وجدتها فانتهزها قبل أن يفوتك الدّرك، أو يصيبك الفلك، فإنّ الدّنيا دول تبنيها الأقدار، ويهدمها الليل والنّهار. من زرع الإحن، حصد المحن. من بعد مطمعه، قرب مصرعه. الثّعلب في إقبال جدّه، يغلب الأسد في استقبال شدّه. ربّ عطب، تحت طلب. اللّسان، رقّ

<<  <   >  >>